بناء المفكر 2 كيف يؤثر الدماغ على السلوك الانساني

عدد المساهمات : 445 تاريخ التسجيل : 22/02/2010

إن أمتنا الإسلامية في عصرنا الحاضر تعاني من العديد من الأزمات الكبرى من أهمها أزمة السلوك , فلا عجب أن يقال أحيانا أن هنالك إسلام بلا مسلمين ومسلمين بلا إسلام .

والذي يزور المجتمعات الأخرى ويقارنها ببعض المجتمعات الإسلامية فسوف يلحظ الفرق الشاسع بين السلوك الحضاري الراقي لتلك المجتمعات وبين السلوك الغير الإيجابي لبعض مجتمعاتنا العربية والإسلامية .

فهنالك سلوكيات سلبية نجدها في الشارع والمسجد والسوق والمدرسة والمتنزهات وهي مؤشر خطير يدل على أن هنالك إشكالية كبرى ينبغي تصحيحها لنرتقي بأمتنا .

وإن المفكر الحقيقي هو الذي يجب أن يعرف كيف تنتج سلوك المجتمعات وكيف يمكن تحسينها , لأن ذلك يعتبر من أهم وظائفه في أمته .

وهنالك تعريفات كثيرة للسلوك منا أن السلوك هو : " مجموع ما يفعله الإنسان ويقوله " , و هذه الأقوال والأفعال تعتمد بشكل كبير على تدين الشخص وثقافته وتربيته وطريقة تفكيره وغيرها .

يقول أحد الباحثين : " لقد استطاعت الدراسات النفسية أن تقدم لنا تحليلاً للسلوك الانساني وترجعه إلى عوامله ودوافعه الأولى، فكشفت تلك البحوث والدراسات عن أن الموقف السلوكي هو مركَّب من تفاعل عدة دوافع وعوامل ونوازع ذاتية وبيئية ووراثية واجتماعية .
ومن المفيد أن نلخص تلك العوامل بشكل موجز لنقدم توضيحاً لحالات المواقف لاسيما الأزمات والعقد والمشاكل النفسية، وحالات الانحراف والممارسات السلوكية غير الطبيعية التي تظهر على مساحات واسعة .
فظاهرة التمرد على الأعراف والقانون السليم والسرقة وظاهرة انحلال الشخصية وانحراف السلوكيات , إن كلّ تلك الظواهر والحالات يمكن إرجاعها إلى العوامل الأساسية التي كوَّنت الشخصية.

أما العوامل التي تشترك في صنع سلوك الفرد فهي :1 ـ الاسرة وظروف التربية الاُولى.
2 ـ البنية التكوينية.
3 ـ التربية المدرسية.
4 ـ الاعلام.
5- الثقافة والمعتقد .

وغيرها " .

وحتى نستطيع تغير سلوك أي إنسان فنحن بحاجة أن نعرف أمور عديدة منها : معرفة العلاقة بين الدماغ والسلوك .

وهذه لمحة موجزة عن مدى تأثير الدماغ على سلوك الإنسان من خلال علم وظائف أعضاء جسم الإنسان .

حيث أثبت العلماء بأن الدماغ هو مركز السلوك الإنساني وذلك في القرن الثامن عشر , وفي منتصف القرن التاسع عشر اتضح أنه مكون من عدة أجزاء لكل جزء وظيفة مختلفة .

وجاءت أولى التجارب على يد بعض الأطباء في روسيا , حيث تم تسليط تيار كهرباء على بعض أجزاء الدماغ المكشوفة نتيجة لوجود كسر في عظام الجمجمة لأحد الأشخاص الجرحى ، حيث وجدوا أن توجيه التيار لأجزاء معينة في الدماغ يحدث حركة في الجانب المضاد .

وأدى ذلك وبعد تجارب متعددة إلى رسم خريطة للدماغ توضح أجزاءه المختلفة وأثرها على تحريك الأجزاء المختلفة في جسم الإنسان .

إن التيارات الكهربية التي تسري في الدماغ عبر الألياف العصبية ( الأسلاك ) تتحرك وتنتقل عبر الوصلات لخلايا عصبية أخرى ، وهذا هو النظام الذي يكون النشاط الأساسي للدماغ ، بل وهذه هي الطريقة التي يحصل بها الدماغ على المعلومات المكونة لعمليات التفكير والإحساس والإدراك وبقية العمليات الأخرى .

وكما هو معلوم فإن الدماغ يتكون من جزأين هما الساق واللحاء المحيط به , وكل من هذين الجزأين يوجد به مادة رمادية (مجموعة خلايا) ، وتنتشر هذه المادة على سطح اللحاء كله وتوجد فيها الوحدات التي تتحكم في مختلف النشاطات .

ويتميز دماغ الإنسان بصفة خاصة عن الكائنات الأخرى بامتلاكه ساق ولحاء , بينما تمتلك أدمغة الكائنات الأخرى ساق وقدر ضئيل من اللحاء .

ويعتبر اللحاء هو المحرك والمسيطر على النشاطات العقلية العليا ( الإدارية ) بينما يقوم ساق الدماغ بتنظيم العمليات الآلية ( اللاإدارية ) مثل حركة القلب والرئتين والأمعاء وهكذا .

ويفسر ذلك تشابه الإنسان في جانب من غرائزه مع الحيوان ولكنه يسيطر عليها من خلال تفرده بوجود اللحاء الذي يتصل بمراكز حركة الغرائز ويؤدي إلى السيطرة عليها .

وهناك أربع مساحات رئيسية للحاء ترتبط ارتباطاً وثيقا ً بالمعلومات والأفكار القادمة من العالم الخارجي ، منها ثلاث مساحات تختص بالمعلومات التي لها علاقة بالأحاسيس على سطح الجلد والعينين والأذنين ، أما المساحة الرابعة فهي المنطقة الحركية التي ترسل بالتعليمات إلى مختلف العضلات الملتفة حول الهيكل العظمي , ومن الجدير بالذكر أن المساحات الحسية والحركية المخصصة لمختلف أجزاء الجسم على سطح اللحاء تتناسب عكسيا ً مع حجم هذه الأجزاء الجسمية .

ومن هنا نلحظ أن الدماغ هو الذي يستقبل معلومات وأفكار معينة ويرسلها إلى العضو المكلف بتنفيذ العمل , لذا فإن كل ما يلج للدماغ من أفكار ومعلومات وآراء فإنها تأخذ مساراها إلى دماغ الإنسان ومن ثم تظهر على شكل ممارسات وسلوكيات حياتية .

فعندما يحاول المفكر تغيير سلوك شخص ما أو مجتمع ما فإنه بحاجة شديدة إلى التحكم في تلك الأفكار والمعلومات ومعالجتها وتحسينها من خلال الإقناع بمختلف أنواعه وأشكاله , فكما هو معروف فإن كل سلوك هو في حقيقته ترجمة لفكرة داخلية وكلما غاص المفكر في تلك الفكرة استطاع التأثير فيها .

ولا يمكن حصر جميع الأسباب التي تشكل سلوك الفرد , فهي في اتساع متزايد كلما تقدم المجتمع وتغيرت البيئة , ولكن ركزنا في هذا الجزء على علاقة الدماغ بالسلوك وكيفية آليته الوظيفية .

» بناء المفكر
» نقصان الحديد يؤثر على خلايا المخ
» اسلوب تعديل السلوك للدكتور رامز طه