الآليات والأساليب التي تساعدنا على الارتقاء
بأنفسنا
إن الذين يملكون أفكاراً تساعدهم على
الارتقاء بأنفسهم كثيرون إذاً لماذا أكثر الناس عاديون أو أقل من عاديين؟
ذلك أنه بين الفكرة الناجحة والوضعية الجيدة
مسافة كبيرة لا يمكن قطعها إلا عن طريق التخطيط والبرمجة واستخدام الأساليب
والوسائل المناسبة، وهذا ما سنحاول إلقاء الضوء عليه من خلال الأمور التالية:
الأمر الأول:تبرؤ المسلم من حوله
وقوته إلى حول الله عز وجل وقوته وإني لأعجب من مسلم له طموحات كبيرة أو
يواجه شدائد عظيمة ثم لا يجعل الدعاء والانكسار إلى الله وسيلته الأولى ومخرجه
الأعظم
الأمر الثاني:تحديد الوضع الحالي حتى تتبين له جوانب السبق وجوانب القصور وخير وسيلة
لذلك توجيه الأسئلة الشخصية والعملية وسوف
يجد ولا شك أن بعض أجوبته سيكون غامضاَ وهذا أمر طبيعي
الأمر الثالث: تخطيط الحياة وهو عبارة عن جهد عقلي ومعرفي يبذله الواحد منا في تصور
الأوضاع والإمكانات الحاضرة من أجل وضعها في برامج وخطط بغية استثمارها في تحقيق
أهداف معينة، ولا بد أن نشير هنا إلى نوعين من الناس:
-نوع يخطط كثيراً لكنه لا ينفذ ما يخطط له
فهذا تخطيطه مضيعة للوقت والجهد
-نوع ينهمك في العمل دون أي تخطيط فانهماكه
قد يقوده إلى فاجعة
وأحب هنا أن ألفت الأنظار إلى أمرين:
الأول أن ما نريد تحقيقه والوصول إليه لا
يحدث دائماَ على ما نحب ولذا لا بد من الرضى بالجودة النسبية للنتائج
والثاني أن المسلم قد يبذل كل جهده في
التخطيط والتنفيذ ثم لا يصل إلى شيء مما يريد لأن الله لم يرد له ذلك ولا بد من
التسليم لأمر الله عز وجل قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا
شيئاَ وهو خير لكم) البقرة:216
الأمر الرابع البحث عن البيئة التي
تساعد على الارتقاء، فالتكوين العقلي والروحي والسلوكي لبني
الإنسان مدين لأمرين الوراثة والبيئة، ومن المعلوم أن كل واحد منا يندفع بفطرته
إلى الاندماج في الوسط الذي يعيش فيه فحين نختار وسطاَ ونندمج فيه فإننا في
النهاية نتجانس مع ذلك الوسط،فقد قال صلى الله عليه
وسلم: (مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن
يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاَ طيباَ ونافخ الكير إما أن يحرق
ثيابك وإما أن تجد ريحاَ خبيثة)
البخاري:2101
الأمر الخامس:اجتناب المرء لكل ما
يحتاج إلى الاعتذار عنه لأن تكرار الاعتذار منه يضعف موقفه
ويثير حفيظة الآخرين
الأمر السادس:التركيز على ما يكثر
تكراره وعد الاهتمام بالشاذ والنادر الطارئ فالذي يضر المسلم ليس ما يهفو فيه ولكن ما يصبح عادة له
ولذا قالوا: لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار
الأمر السابع: التخلص من كثرة
الأعذار وتخيل الظروف الطارئة فبعض الناس يكثر من قول "لو"
ليتهرب من تحمل أي مسؤولية وهكذا يضيع العمر بانتظار أمور قد تتحقق وقد لا تتحقق
على حين أن المسلم الكيس الفطن يحاول أن يعمل أفضل ما يمكن عمله في ظروفه الحاضرة
كما يسعى من وجه آخر إلى تحسين تلك الظروف
الأمر الثامن:كسر رهبة الخطوة
الأولى إذ من الثابت أن الناس يخافون من التغيير
كما أن من المعروف أن الخطوة الأولى في أي عمل هي أشق الخطوات فإذا ما أردنا أن
نتقدم على صعيدنا الشخصي فإننا بحاجة إلى امتلاك الشجاعة والجرأة على أن نبدأ بما
يجب أن نبدأ به
الأمر التاسع:المبادرة وعدم النظر
إلى الآخرين فالمسؤولية أمام الله فردية وقد قال الله عز وجل: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها
قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير) آل عمران:165
الأمر العاشر:ملازمة العمل حيث إن الهدف شيء غير محسوس ولذا فإنه قد يضيع منا وقد
يتضاءل ويصغر ويتطور دون أن نشعر بشيء من ذلك
الأمر الحادي عشر:استثمار الوقت والاستفادة منه على أفضل وجه ممكن
الأمر الثاني عشر:شيء من العزلة لأمرين: أولاً تجديد الطاقة الروحية وثانياَ الاستفادة
من الوقت الذي توفره العزلة
الأمر الثالث عشر:الاهتمام
بالأشياء الصغيرة حيث أننا تعودنا أن لا نهتم بها فنحن مفتونون
بالأشياء الكبيرة وهذا من الخطأ فالارتقاء لا يكون طفرة ولا قفزة في الهواء وإنما
هو تحسن نحرزه في جانب من جوانب حياتنا يضم إلى تحسين جانب آخر كما تفعل قطرات
الماء حين تشكل باجتماعها نهراً عظيماً
الأمر الرابع عشر:الاهتمام بتقديم
نموذج راقٍ فالأمم لا تتقدم عن طريق الأفكار المجردة
وإنما من خلال توافر النماذج الراقية والعالية والتي تستنهض همم الناس للحاق بها
والارتفاع إلى مستواها
الأمر الخامس عشر:تعديل التحدث إلى
الذات فكثير من الناس يشعرون بعدم الكفاءة الشخصية
وبضعفهم أمام المهام التي عليهم القيام بها وينعكس هذا على نحو دقيق على العبارات
التي يرددونها في سرهم
الأمر السادس عشر:إيقاف الاسترسال
والتمادي في الخطأ فإن أي شيء نافع إذا استرسلنا فيه وأخذنا منه بغير حدود تحول إلى شيء ضار
فلننتبه إلى أمرين: محاسبة النفس والتوبة
الأمر السابع عشر :الإرادة الصلبة قال تعالى: (والذين جاهدوا
فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) العنكبوت:69
الأمر الثامن عشر: رفع سوية ما
يطلبه الواحد منا من نفسه
الأمر التاسع عشر:المثابرة
والاستمرار في بذل الجهد قال سبحانه:
(ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة) النحل:92
الأمر العشرون: المكافأة وهنا يجب
مراعاة مشروعية المكافأة وعدم إلحاقها الأذى بنا أو بغيرنا والمكافأة الفعالة هي
التي تأتي بعد إنجاز العمل مباشرة وإلا فإنها تفقد قيمتها في الحث على التقدم
وحبذا لو تنوع المكافآت أيضاً..