"بحث في هندسة النفس الإنسانية"

من كتاب "بحث في هندسة النفس الإنسانية" لـ د.محمد تكريتي



الإرساء anchoring:
هو عملية ربط الحالة الذهنية أو النظام التمثيلي الداخلي أو الخارجي بإشارة أو مرساة سمعية أو صورية أو حسية بحيث يؤدي إطلاق الإشارة إلى حضور تلك الحالة الذهنية.
لكل حالة ذهنية مشاعر متحدة معها فحالة الإشراق والتألق تصاحبها مشاعر الثقة بالنفس والسعادة وحالة الحزن والكآبة تصاحبها مشاعر المرارة والهزيمة والضعف ولهذه المشاعر الإيجابية منها والسلبية أثر كبير على التفكير والسلوك.
يحتاج الإنسان دوماً في حياته إلى مشاعر إيجابية ليقوم بأداء فعالياته بكفاءة عالية ولكن كيف يتسنى له أن يحوز على تلك المشاعر الإيجابية في اللحظات التي يحتاجها فيها؟
تلك اللحظات قد تكون على منبر الخطابة أو على مسرح التمثيل أو في الامتحان أو في ساحة المعركة.
هل هناك طريقة لإيقاد جذوة المشاعر الإيجابية عندما يحتاجها الشخص؟
أو إطلاقها كما يطلق زناد النار فتغور المشاعر السلبية وترتفع راية المشاعر الإيجابية؟
الجواب لحسن الحظ ،نعم ومن أهم هذه الطرق ما يعرف بالإرساء.
وتتلخص طريقة الإرساء في اختيار حالة ذهنية تريدها أنت ثم اختيار منبه أو مرساة تقررها أنت كذلك.
مثلاً:
استرخي قليلاً واختر مشهداُ أو حادثاً كنت فيه على ثقة عالية بنفسك كأن يكون نجاحاُ كنت قد حققته.
تذكر ذلك الأمر بتفاصيله مكبراً الصورة في ذهنك بزيادة إضاءة ألوانها وأصواتها حتى تبلغ ذروة الحالة وفي هذه اللحظة اضعظ إبهام يدك اليمنى على إصبعك السبابة لمدة عشر ثوان.
كرر العملية عدة مرات لتتأكد من أن كل شيء تم بالشكل المطلوب.
الآن اخرج من هذه الحالة الذهنية كأن تنظر إلى باب الغرفة أو تقوم من مقعدك لعدة ثوان...
عندما تريد أن تستعيد تلك الحالة الذهنية أي حالة الثقة العالية بالنفس فإن بإمكانك استدعاءها بشكل سريع بالضعط بإبهامك على إصبعك السبابة...
إن ضغط الإبهام على السبابة هنا هو المنبه أو المرساة التي تستعيد بها الحالة الذهنية المطلوبة كلما أردت ذلك.
المرساة في المثال السابق هي مرساة حسية ويمكن استخدام أي نمط آخر كمرساة..كالنظر إلى اسم مكتوب على قصاصة ورق مثلاً وهذا نمط صوري أو ذكر كلمة أو عبارة معينة وهذا نمط سمعي.
إن طريقة الإرساء هذه طريقة فعالة جداً يستخدمها الرياضيون والممثلون والخطباء لرفع مستوى أدائهم.

خطوات الإرساء:
للحصول على أفضل النتائج من عملية الإرساء هذه يكون من المفيد أن تتذكر النقاط الأربع التالية عند قيامك بها:
1. لكي يكون الإرساء ناجحاً يجب أن تستعيد الحالة الذهنية على أساس أنك أنت تقوم بذلك الإنجاز وليس شخصاً آخر أي أن تكون متحداً مع الحالة الذهنية وليس منفصلاً عنها.
ملاحظة: الاتحاد والانفصال
إذا كنت تشعر بألم كالصداع مثلاً فيمكنك الدخول في حالة ذهنية وأنت تتألم من الصداع ثم تجري عملية الانفصال فيكون الشخص الذي يتألم من الصداع{ الذي هو أنت} أمامك تراقبه ثم تبعد صورته شيئاً فشيئاً حتى تختفي.
2.يجب أن يتم إطلاق المنبه أو المرساة بعد أن تصل الحالة الذهنية وما يصاحبها من شعور إلى قمتها وليس قبل ذلك.
3. يجب أن تكون المرساة مميزة عن أي حركات أو سلوك عام فالنظر إلى ساعة مثلاً لا يصلع أن يكون مرساة وكذلك مصافحة شخص لا تعتبر مرساة.
4. يجب أن تستعمل المرساة بالطريقة نفسها التي وضعتها بها وليس بطريقة أخرى ، فعندما تستعمل إبهام اليد اليمنى فلا تستعض عنه بإبهام اليد اليسرى ولا بإصبع آخر إنما هو نفسه.
الإرساء السلبي:
الإرساء موجود دائماُ في حياتنا دون أن نشعر به وبعض هذا الإرساء يولد حالات ذهنية سلبية.
ومن أمثلة ذلك:
ما يحصل لشخص عندما يموت أحد أفراد عائلته فيأتي الناس لتعزيته وأثناء ذلك يضعون يدهم على كتف الشخص فينشأ عن ذلك إرساء سلبي وهذه هي المرساة..
وبعد مضي مدة على حادث الوفاة يبقى هذا الشخص حساساُ إذا ما قام أحدهم بوضع يده على كتفه.
إذ أنه سيتذكر تلك الأجواء المحزنة وتتغير حالته الذهنية إلى تلك الحالة فيغمره شعور بالحزن لم يكن يريده والعلاج لذلك هو إرساء معاكس.