دعوة للركوب في سفينة نوح للقرن الحادي عشر ... فهل ستنقذين نفسك أم ستقولين سآوي إلى جبل يعصمني من الماء؟

إنها دعوة تتكرر في كل زمان ومكان ... هناك من يرى إلى أفق أوسع و ينظر إلى غد بعيد نسبياً لكنه آتٍ لا محالة .. قد يهزأ البعض كما استهزأ قوم نوح لما رأوه يبني سفينة وسط الصحراء ..

و هناك في كل زمان و مكان صحراء ... صحراء في القلوب و العقول .. و هناك من يرى لأبعد من قدميه ، و هناك من يثبط و يستهزأ بمن يرى مالا يراه الآخرون ..

إنه امتحان للجميع ..
للبصيرة النافذة ، للثبات على الحق .... و امتحان آخير للباطل لعله يغيّر رأيه و يبتعد عن زلته.

فأي بصر هو بصرك ؟ و أي رؤية هي رؤيتك ..

و قد لا تتسع سفينة النجاة للجميع لكن من يصعد عليه سيكون له السبق في إنشاء حياة جديدة وفق معايير مختلفة .. يجب أن تختلف عمن قبل و إلا لماذا كان السيل ؟؟
و لماذا كان هناك تيه لجيل موسى الذي كان بحاجة إلى صياغة جديدة وفق منهج الله فقط؟!!

إنه دعوة لإعمال العقل فيما ينيغي أن يتأمل و يسبر داخله و ينفض الغبار عن قلبه و عقله و لا يلتفت إلى سفاسف الأمور فالأمر جلّ و الموقف لا يحتمل التلفت في الثياب و الترهات.

إنها دعوة للتغيير .. تغيير من الداخل ... في الأفكار التي نتبناها في حياتنا و طريقة التفكير التي تصوغ سلوكنا .. و نقيم بها حضارتنا و مستقبلنا ..

خمسون سنة لم نقدم للبشرية شيئاً ذي بال .. إذن حتماً هناك خلل في مجموعة من الأفكار التي نتبناها و في طريقة التفكير التي نتعامل بها مع حياتنا و الآخرين ...

إذا استطعنا أن نستبدل الأفكار التي كانت السبب في تخلفنا و استعضنا عنها بأفكار التي هي سابقا سبب عزنا و مجدنا ثم أخذها الغرب وعملوا بها فتخلفنا نحن و سبقونا هم .. ثم غيّرنا طريقة التفكير و كيفية التعامل مع المواقف و المشاكل و الأحداث أيضاً وفق طريقة التفكير الصحيحة التي أخذها الغرب من روح حضارتنا .. ثم أضافوا إليها ..
لو قمنا بذلك مع الحفاظ على أصالتنا و القيام بعملية الفرز و التمحيص للأفكار و المعتقدات و عرضها على القرآن و السنة ..
لو قمنا بذلك لسوف نكون وضعنا أرجلنا على الدرجة الأولى الصحيحة من سلم استعادة المجد و العزة ...

فهل من مجيب؟

( قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين )

قد تختلف التفاصيل وتختلف أماكن الأحداث وقد يتغير شكل السفينة لكن جوهر القصص يبقى مستمراً فتلك سنن الله في هذا الكون
لاشك أننا نتالم في مسيرتنا في هذه الحياة ولكن الألم لمن يعالجه بطريقة صحيحة جزء من الشفاء فلا بد لمن يطلب الشفاء أن يتحمل الألم الذي يصحب الالتئام .....وهنا يجب أن نجعل من آلام هزيمتنا وسيلة أخرى للانتصار فخليفة الله في الأرض وأمة الحبيب صلى الله عليه وسلم لاتنتظر فترات النقاهة لتلتئم الجراح وإنما تشمر السواعد تنهض من كبوتها وتبدأ بالعمل فهكذا كان هديه صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم جعلوا من آلامهم أملا منتجاً بنّاءً لتصل إلينا االرسالة
لا أنكر صعوبة التغيير الا أننا يجب أن نقف وقفة حق مع أنفسنا وأن نتماسك ولا نتناسى غاية وجودنا في هذه الارض وأن نسعى جاهدين في تغير ترتيب حروف الألم ليصبح ( أملا ً ) جديداً ببناء عالم جديد نسير فيه بعقيدة صحيحة ورسالة واضحة نعيد فيه ماأضعناه من مجد أمتنا وحضارتنا فلم تعد اليوم تنفعنا أنصاف الحلول فالسفينة قد بدأت المسير ولا مجال للتردد فالقضية اليوم إنما هي استبدال قوم بأقوام آخرين وليست كما كانت في السابق استرذال وسلب همة على العمل فكما يبدو أننا استنفذنا الفرص فإما ان نقبل بالغرق مع سابق اصرار و تصميم أو نشمر عن سواعدنا ونمد أيدينا الى ركاب السفينة علنا نستيطع الانضمام اليهم و اللحاق بركبهم فصحيح أن التغير يبدأ بتغير الفكر ولكن على أن لا يبقى مجرد أفكار في الرؤوس لا بد أن يترجم إلى حقيقة يراها من حولنا .....هنا فقط نتأكد أننا بدأنا السير إلى بر الأمان

ما المطلوب للصعود؟؟؟؟؟

عودة إلى النفس للتدقيق في الأفكار التي تم اعتمادها كجزء من المعتقدات أو المسلمات التي ربما ما اعتدنا أن نناقش مدى صدقها أو صحتها.
كما أنها دعوة للتفتيش في طريقة التفكير .. ومدى سلامتها ..
دعوة لنفض الغبار و شحذ الهمم و مسك المعول من أجل بناء الغد ... مهما تراءى لنا الواقع مظلماً فلابد أن يشرق الصبح من جديد و لكن هل سيشرق على الوجوه ذاتها و النفوس على هيئتها؟
دعوة للصفاء مع الذات .. و النظر مع تأمل عميق نحو الداخل و استخدام المكبرة إن تعسرت الرؤيا. فالغاية هي البناء من جديد ..
و الله الموفق

تشبيه أكثر من بليغ....شكراً جزيــــــــــــــــــلاً
طوبى لمن يبني السفينة
فإذا لم يكن المرء منهم فلعله ينجو بنفسه

مهما تراءى لنا الواقع مظلماً فلابد أن يشرق الصبح من جديد و لكن هل سيشرق على الوجوه ذاتها و النفوس على هيئتها؟
مهما عجت السماء بالغيوم الرمادية فلا بد أن المطر آتٍ...ولكن لا بد من بذرة حتى تنبت الشجرة

جزاك الله خيراً آنسة أمل
بارك الله بكم

برأيكم ماهي المشكلات أو الأفكار التي تربينا عليها و كانت سبباً لتخلفنا و لما نجن فيه من الوهن ؟

إن سنة الله لا تخطئ... ولابد أننا جميعاً -- صالحي و طالحي الأمة - شركاء بذلك.. و إن سنة الله في الاستبدال أو القصم و العياذ بالله لا تنزل على قوم إلا عندما تكون الفئة الصالحة و المصلحة قد ارتكبت من الأخطاء ما جعلها تستحق العقوبة من الله ..

إنها حقاً دعوة للتأمل الذاتي و التوبة ... ليست فقط من الذنوب .. بل من الأفكار والمعتقدات التي نتح عنها سلوكنا و تعاملنا مع بعضنا ... فاستحققنا ما نحن فيه ..

لعلنا إن تدراكنا أمرنا و كنا صادقين مع أنفسنا في محاسبتها .. لعل الله يبارك بذلك الخير .. و نلحق بسفينة نوح ..

الأمر أعمق من التقصير في الطاعات ...

أدعوكم لتسجيل و تحليل الأخطاء التي رسخت في أعماقنا فكان سبباً في تحقق سنة الله في أرضه كما وعد ... علنا إن عدنا إليه .. عاد إلينا
( و إن عدتم عدنا ) صدق الله العظيم

ربما قد تكون المشكلة فتور الهمة

حقا موضوع أكثر من رائع... موضوع هام لأقصى الحدود... الكلمات هذه تغوص كثيرا في أعماقي... لكن الخطب عظيم.. عظيم جدا... أظن أن أول أسباب حالنا هذا ... هو شعورنا باليأس من أنفسنا... وأنا أولهم.... كثيرا ما ينتابني هذا الشعور.. أن المصائب غدت أكبر من أن نستطيع تغييرها وحلها.. أدرك تماما ان هذا التفكير خاطئ جدا.. وهذه نظرة سلبية.. لكنّ هذا العالم قد غدا بعينيّ كو حش كاسر.. ينهش في جسد أمّته كل قيمة وكل فكرة مضيئة.. ولا يبقي إلا الفساد.. كل المجتمع كل الناس كل الأشخاص.. (ولكي لا أكون قد عممت) سأقول إن ثلاثة أرباع الناس تدعوا للانحطاط وقد نسيت المبادئ والقيم.. والربع الآخر يبذل كل جهد ممكن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه... المعركة عظيمة وغير متكافئة أبدا.. لذا فإن المهمة عظيمة... كل شيء يسير عكس رياح الحق.. وكل شيء يدعوا للسفه.. فكيف؟؟ أرجوكم كيف؟؟ كيف ننقذ أنفسنا اولا وننقذ من حولنا؟؟؟ كيف نمسك بإيديهم لكي لا بسقطوا؟؟ أرجوكم أريد إجابة!!!