يريدون سرقة أفكارك؟
افتح لهم كل نوافذك وأبوابك!
بينيلوبي ترنك
رائدة أعمال وكاتبة واستشارية مهنية شبابية
------------------------------------------------------
لن تبني لنفسك مساراً مهنياً متقدماً وأنت قلق خائف تضع يديك على رأسك مترصداً من يسرق أفكارك. فالناس في ميادين العمل يكرهون الشكّائين والخصاميين ويكرهون خصوصاً أولئك المتباهين الواثقين من امتلاكهم ثرواتٍ هائلةً من الأفكار ثمّ لا يثبتون على الطريق لإنجاز واحدةٍ منها. وللصراحة، فإنني أقول إنّك لن تتقدم وتنجح في مكان العمل لمجرّد امتلاكك الأفكار، يجب أن تكون لديك أفكار وأن تكون أفكارك هذه مقبولةً لدى الناس. ولعمرك إنّ هذا ليكاد يستحيل إن كان اهتمامك الأكبر في كل مرة القلق والترصّد والحرص على إثبات وإظهار فكرة من هذه!
باختصار: إنّ القلق على من ينال الفضل على ابتكار الفكرة سوف يعرقل تحقيقك حياة عملٍ مثمرةٍ مرضية.
وإليك خمسة أسباب تبيّن ذلك:1- قربة الماء تخشى النفاد إن أعطت والفساد إن أمسكتوأما العين الجارية فلا يزيدها التدفّق إلاّ نقاء ونماء
إنّ البارعين في توليد الأفكار –من لديهم تدفق غزير من الأفكار الفعّالة- يشاركون الآخرين أفكارهم. إن كنت رائد أعمال –مثلاً- فقد تتصل بستة أصدقاء ثقات وتخبرهم عن فكرتك، ويقول لك الستة: إيّاك! فكرتك لن تنجح! فتعيد الكرّة مع فكرة معدّلة أو فكرة جديدة إلى أن تتوصّل لفكرةٍ تستطيع المضيّ في تنفيذها مطمئناً. تتعرّض مجموعة الأصدقاء للمدّ والجزر، لكن لدى رائد الأعمال لا تكف الأفكار عن التدفق وهو لا يتوقّف عن تداولها مع الآخرين.
أو خذ مثلاً على ضرورة وفائدة تداول الأفكار ذلك الموظّف في وكالة خدمات المتخصّص بابتداع الأفكار الجديدة. طبعاً، تقتضي وظيفته الجلوس في مكتبه مع العملاء والخوض المستمر في العصف الذهنيّ وتوليد الفكرة تلو الفكرة مع مرور الساعات. وأنت لست موظفاً مثله لكن لم لا تتبع نموذجه؟ أليست وظيفة كل إنسان في كل الشركات ابتكار الأفكار؟ ماذا تفعل بحياتك إن لم تكن مبدعاً؟.. في كل وظيفةٍ ميدان للإبداع وكل إنسان قادر على الإبداع، والمسألة هي: من يعرف ويريد إطلاق ذلك الجزء من ذاته!
إن الناس الذين لديهم فيضٌ من الأفكار لا يعاملون فكرتهم وكأنّها فلتةٌ ثمينةٌ يستحيل تكرارها. وإن كانت أفكارك ثمينةٌ جداً لا بدّ من حمايتها –أو كنت تظنّ ذلك- فلسوف تبدو في عيون الآخرين أيّ شيء إلاّ مبدعاً. وعندئذٍ سيصعب جداً أن تجد من يوظّفك معه من أجل غزارة أفكارك.
إذاً، إن أردت أن تعرف وتميّز بغزارة أفكارك فهل عليك إلاّ أن تتصرّف تصرّف من لا يخشى الفقر والانقطاع منها. لا تخف! ثابر على استيعاب الأفكار من الناس وإصدارها إليهم والمكسب معك في النهاية. وعندما يسرق أحدهم فكرتك فلا تغضب بل اعتبر ذلك ثناءً وإطراءً وتذكّر أنّ أحرص الناس على تخزين الأفكار وكتمانها هم الأقل ثروةً منها.
2- ليس هناك فكرةٌ وحيدة.. فكل الأدمغة تزهر أفكاراً وجودة الشجرة ليست بأزهارها بل بثمارها!
تخلّص من النظر إلى الوجود بدائرة نفسك. أجل أنت ذكي ومخضرم، لكن أرجو أن تصدقني حين أقول لك إنّ أيّ فكرةٍ تتوصّل إليها هناك آخر أو آخرون يتوصّلون إليها. إذاً اعمل خيراً لنفسك وتحوّل بنفسك من التركيز على الظهور بدور "مولّد الأفكار" إلى دور محوّل الأفكار إلى وقائع.
كثير من الناس يستطيع إنتاج الأفكار، لكنّ الأقلّ من يعرف ويستطيع التنفيذ إلى النهاية. إذاً: لا تتردّد في تقديم الأفكار! قدّمها بصدر متسع ووجهٍ بشوش وقلبٍ متواضع وانظر بعدئذٍ كيف ستكتسب حياة عملك معاني كبيرةً مفتخرة.
3- الناس يحبون اللطفاء لا الأذكياءيبيّن بحثي المفضلّ في أمكنة العمل أنّ الناس يفضّلون العمل مع المقبولين المألوفين على العمل مع أصحاب المقدرات. أجرت البحث تيزيانا كاسيارو ونشر في دورية هارفارد مرّتين وأحدث صدىً مدوّياً لأن الناس لم يصدقوا ما جاء به في البداية.
في الواقع، يرى البشر الأشخاصَ اللطفاء على أنهم أكثر مقدرةً وكفاءة، حتى لو لم يكونوا كذلك فعلاً. وأمّا أصحاب المهارات الرفيعة المتصرفون مع الناس بطرقٍ شنيعة فتصغّرهم عدسات الكره فيبدون أدنى مقدرةً في عيون زملائهم. وإلى هذا ترجع قوة اللطف الجبّارة في مكان العمل. وبكلمات أخرى: سيراك الناس أكبر وأفضل في عملك إن كففت عن إثارة الزوابع والشجارات حول ملكية الأفكار والأحقية بفضل السبق إليها.
ومن خلال تجربتي رأيت أن الشخص الذي يحبه الجميع هو الذي يساعد الآخرين على إنجاز أعمالهم. إنّ هذا الشخص المساعد حقاً سيهتمّ بأن تؤدّي عملك وأنت سعيد، وأنت تشعر بالترابط والاندماج مع الجماعة التي تعمل فيها والشركة التي تسعى لتحقيق أهدافها. ومشاركة أفكارك مع الناس خطوةٌ في الطريق لأن تكون ذلك الشخص المساعد المحبوب.
4- وظيفتك إرضاء رب عملكوالشجار على ملكية الأفكار لا يفيد ولا يرضي
إنّ تذمّرك وشكواك لا يمكن أن تجعل حياة رب عملك أسهل. ومطالبته بأن يمنحك كل الفضل والتقدير لن تفيد أيضاً. سيساعدك رب عملك أو رئيسك إن جعلت حياته يسيرةً كالحلم. سيمدّك بالإرشاد من تجربته وخبرته الشخصية، سيدربك ويرعاك ويدعمك في كل أنحاء المنظمة وسيجزل لك الأجر. إن كان يفعل هذا فلا ضير في أن يستفيد من أفكارك ومقترحاتك ويناله النصيبٌ الوافر من فضل الخروج بها. وأمّا إن رأيته لا يفعل شيئاً فاتركه وارحل.
لا يشكو أرباب العمل قلةً في عدد "مولّدي الأفكار" من العاملين لديهم، بل يشكون من ازدحام المهمّات التي تبحث عمّن يقوم بها. ويرجع هذا إلى أنّ أرباب الأعمال يعتبرون أنفسهم "مولّدي الأفكار" سواء أكانوا كذلك بالفعل أم لا. وإذاً، إن كان رئيسك يظنّ أن كل الأفكار تنبع من زميلك في العمل فلا تقلق، فرئيسك هذا سيرقّي من ينجز المطالب فعلاً. وفي الواقع قد يعني هذا أن تقدّم لزميلك كل أفكارك وتجسّد لنفسك صورة "الشخص الذي يساعد الرئيس فعلياً" في مهمّات عمله اليوميّ.
5- إن أردت إظهار فضلك وبراعتك مبتكراً للأفكار فانشرها في مدونةلا تتيح خلاصات السيرة الذاتية تقديم أمثلةٍ على إبداع الأفكار في الميدان. إنّها ليست سوى تاريخٍ لما أتاح لك الآخرون القيام به في منظمّاتهم. لكن إن أردت أن تُعرف بوصفك مبتكراً لأفكارك الراهنة فعليك أن تنشئ مدوّنة. إنشاء مدونةٍ أمر بالغ السهولة إن كان لديك كثيرٌ من الأفكار. لا يشترط بالأفكار الإفصاح عن أسرار عمل الشركات وإنما يكفي أن تبيّن طريقة تفكيرك في نطاقٍ واسعٍ من القضايا ضمن ميدانك. وإن أردت مثالاً تتخذه نقطة انطلاق لعمل مدونة تفيد كخلاصة سيرة ذاتية قائمة على الأفكار "Idea-Based Resume" فانظر إلى موقع شركتي Brazen Careerist. ومن تجربتي أقول لك إنّك حالما تبدأ سترى نفسك بطريقة مختلفة وستشعر بمزيد من القيمة في نفسك.
ماذا تنتظر؟ ابدأ بنشر أفكارك للناس، فما يمنحك بالفعل شهرة ابتكار الأفكار الجيدة: تقديمها مراراً وأمام أعدادٍ كبيرة. ثم انظر: ألا يغدو انتحال أفكارك أكثر صعوبةً عندما تكون تلك الأفكار منشورةً على الملأ أصلاً؟ ومع ذلك فإنني أحذّرك: لا تكتب عن سرقة الناس أفكارك، فهذا حديثٌ مضجر منفّر، اكتب عن أفكارك وحسب. تحدّث عن الأفكار في مدوّنتك ودع للناس الربط بينها وبين اسمك.
لن تكون كل أفكارك جيدة، أو مقدمةً كما ينبغي، ولا بأس في ذلك فالأمر الأكثر أهميةً من الإتقان الأمثل في كل مرةّ ابتداء الأفكار الجديدة باستمرار. ومن نسمّيهم "الخبراء" لا يزيدون عنّا بشيء سوى إعلانهم الآراء التي لا يعلنها غيرهم. إنّهم راغبون ومقتدرون على تقديم أفكارهم علناً. الخبراء هم من يفتتحون نقاشات مهمّة.
وإلى أين سينتهي بك هذا العمل بابتكار الأفكار أو افتتاح المناجم ودلالة الناس على مكامنها؟ ربما ستجد أحداً يرغب في توظيفك أو مشاركتك ليس بسبب لائحة المهمات المنجزة في خلاصة سيرتك الذاتية بل لأنّك "مولّد " كل تلك الأفكار المنشورة أو المبتدأة. وعندما تعمل "مولداً للأفكار" فلن توجد أي مشكلةٍ في سرقة أحدهم أفكارك، فنشر الأفكار واستحثاثها وظيفتك، وبقدر ما يسرقون بقدر ما تصبح حياة عملك أغنى وأنجح.
-----------------------------------------------------------------------------------------------
تعليق : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ".. اللهم أعط منفقاً خلفاً و اللهم أعط ممسكاً تلفاً .." !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
!!!
أين من يؤمن بتعاليم ديننا و يلتزمه لتنشأ حضارة لا شقاء فيها!!!!!!!!!!!