Admin Admin
عدد المساهمات : 1572 تاريخ التسجيل : 09/08/2009
| موضوع: مبعوثو أمريكا ماذا يريدون ؟ الجمعة 01 أكتوبر 2010, 6:58 pm | |
| مبعوثو أمريكا ماذا يريدون ؟يوسف بحصاص - مفكرون في الخامس من حزيران من عام ( 1967 ) قامت إسرائيل بهجوم مفاجئ , على ثلاث دول عربية , سورية ومصر والأردن . انتهى باحتلال أراض من الدول الثلاث , الجولان وسيناء والضفة الغربية من نهر الأردن , وقد شكلت تلك الأراضي ثلاثة أضعاف مساحة إسرائيل ذاتها في ذلك الوقت . وفتحت تلك الحرب عهد المبادرات والمبعوثين الأمريكيين لمنطقة الشرق . سعت إسرائيل بعد الحرب إلى عزل كل المفاوضين والمبعوثين الأوروبيين , لأنها كانت تعي قدرتها الكبيرة في التأثير على أي سياسة أمريكية في المنطقة لصالح المبادئ التي وضعتها ضمن استراتيجية التفاوض . وبدأت المعركة من خلال مبادرة وليم روجرز وزير الخارجية الأمريكية الأسبق ( W.Rogers ) , حيث أعلن خط العمل الجديد أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي في عام ( 1969 ) وجاء فيه : " إن من مصلحة الولايات المتحدة استعمال كامل نفوذها وبجميع الطرق المجدية والفعالة " . مؤكدا على مبدأ ( حدود آمنة ومعترف بها , وحالة سلام نتيجة معاهدة ..... وحسب تقديرنا , فإن التعديلات المطلوب إجراؤها على الحدود الحالية يجب أن تعين بحدود أمن متبادل وألا تكون مؤشر انتصار ). من هنا بدأت المبادرات , وتقنية المبعوثين الأمريكيين , والأساس الذي حكم تطلعاتهم , ورؤيتهم للحل في المنطقة , على مدى العقود السابقة وربما اللاحقة . بدأت سياسات الإدارة بمشروع روجرز أو ما أسماه الفرقاء " مبادرة روجرز" التي أعلنت عام ( 1970 ) الذي جاء ملبياً للمطالب الإسرائيلية . فتحدث عن حرية الملاحة والسيادة , ضمانات أمنية , الاعتراف بحدود سياسية معينة , ومقبولة من الطرفين . وفي حين قبل الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر هذا المبادرة , فإن إسرائيل رفضتها , واستدعت غولدا مائير ( G.Mier ) رئيسة وزراء إسرائيل السابقة أعضاء حكومتها إلى اجتماع فوق العادة لإعادة النظر في العلاقات الإسرائيلية الأمريكية . وقد اعتبرت مائير الاقتراحات الأمريكية – مبادرة روجرز – مسايرة كبيرة للعرب . وانبرى مساعد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جوزيف سيسكو ( J.Sisco ) لمحاباة إسرائيل لتخفيف غضبتها , فطالب بمبادرة سريعة لتلبية العون العسكري والاقتصادي التي تطالب به إسرائيل . يقول هنري كيسنجر( H.Kissinger ) " إن كل مرحلة من المفاوضات لا تقرها إسرائيل , يُضاعف ويزداد برنامج المعونات الإسرائيلية , دون التأكيد على وحدة في التفكير ". رحل الرئيس المصري جمال عبد الناصر عام ( 1970 ) وترك روجرز منصبه إلى الطامح فيه مستشار الأمن القومي حينها هنري كيسنجر عام ( 1971 ) , دون أن ترى مبادرته النور , وكان الدور الجديد للأخير ليلعب دوره بعد حرب تشرين عام ( 1973 ) من خلال جولاته المكوكية في الشرق الأوسط للتحضير إلى وقف القتال على الجبهتين السورية والمصرية , كمبعوث للإدارة الأمريكية . وقد سبق تلك الجولات إمداد إسرائيل بالأسلحة التي تساعدها على وقف تقدم القوات السورية في الجولان , ومساعدة القوات الإسرائيلية على التوغل داخل ( ثغرة الدفرسوار ) ضمن الأراضي المصرية . كان كيسنجر في إطار جولاته المكوكية في المنطقة يبحث عن مخرج للمأزق الإسرائيلي على الأرض , ولا بد لتحقيق ذلك من وقف القتال على الجبهتين المصرية والإسرائيلية , وقد تحقق له ذلك , وخاصة مع رفض أنور السادات الرئيس المصري السابق لخطة الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس هيئة أركان القوات المسلحة المصرية , والقاضية سحب الفرقة الرابعة واللواء المدرع ( 25 ) من الجيش الثالث وإرسالهما إلى الثغرة لتصفية القوات الإسرائيلية . وتم توقيع اتفاقية الهدنة بين سوريا ومصر من جهة وإسرائيل من جهة أخرى , ليبدأ كيسنجر العمل على تحقيق رؤيته للوضع في المنطقة . " لقد خرجت إسرائيل من حرب أكتوبر كأكبر قوة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط , وأنه حان الوقت لتكون أكبر كيان إقليمي " , هذا ما كان يراه كيسنجر للمنطقة , خلق نظام إقليمي جديد برئاسة إسرائيل بدلاً من النظام العربي السائد , وربطه بكامل مقوماته بتلك الدولة . ولتحقيق ذلك كان لا بد من إيجاد ثغرة عبور إلى هذا النظام , عن طريق التفاوض . فتح كيسنجر بوابة العبور لاتفاقية كامب دايفيد , وعلى الرغم من أنه لم يكن ضمن الإدارة الأمريكية في محادثات السلام المصرية الإسرائيلية إلا أنه كان المنسق الروحي لتلك المحادثات , وكان التشاور قائم بينه وبين وزير الخارجية الأمريكي الأسبق سايروس فانس ( S.Vance ) الذي ساهم من خلال زياراته المكوكية إلى الشرق الأوسط ( كمبعوث ) للإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر ( J.Carter ) في توقيع معاهدة كامب دايفيد . لم يكن فانس مفاوضاً بارعاً , إلا أن المشاركة الحثيثة لكارتر والاستعانة بكيسنجر لرسم سياسة التفاوض , أدتا إلى توقيع الاتفاقية في نهاية المطاف, لتتجه إسرائيل إلى تصفية أمورها شمالاً , بعد أن تم عزل مصر عن الصراع العربي الإسرائيلي .لم يكن فانس مفاوضاً بارعاً , إلا أن المشاركة الحثيثة لكارتر والاستعانة بكيسنجر لرسم سياسة التفاوض , أدتا إلى توقيع الاتفاقية في نهاية المطاف, لتتجه إسرائيل إلى تصفية أمورها شمالاً , بعد أن تم عزل مصر عن الصراع العربي الإسرائيلي . اجتاحت إسرائيل لبنان في عام ( 1982 ) بهدف ضرب قواعد المقاومة الفلسطينية , التي تهدد أمن إسرائيل , وبعد حصار طويل لبيروت , كان لا بد للإدارة الأمريكية من التدخل لنصرة إسرائيل عن طريق ( مساعدة لبنان ) . فأرسلت مبعوثها فيليب حبيب ( P.Habib ) اللبناني الأصل إلى المنطقة , ليبدأ رحلاته المكوكية بين لبنان وإسرائيل وسوريا . وتوصل حبيب بعد مفاوضات شاقة إلى ترتيب لوقف إطلاق النار , بين منظمة التحرير الفلسطينية , والقوات الإسرائيلية , أجبر بموجبه ( 1500 ) مقاتل فلسطيني على مغادرة بيروت عن طريق البحر باتجاه ميناء لارنكا القبرصي , لينتقلوا إلى الدول العربية , وينتقل معهم مقر منظمة التحرير إلى تونس . ونص الاتفاق الذي أبرمه حبيب على أن يخرج كل مقاتل مع بندقية خفيفة فقط , دون الأسلحة الثقيلة . كان حبيب يتطلع من خلال المفاوضات إلى ما فرضه شارون على الساحة اللبنانية , التي كانت تعاني أصلاً من حرب أهلية طاحنة أنهكتها عبر سبعة سنوات مضت, فحقق لإسرائيل أمنيتها بإقصاء منظمة التحرير بعيداً عن حدودها , وأكثر من ذلك , عقد حبيب اتفاقية للسلام مكونة من ثماني عشرة نقطة , تضمنت انسحابا للقوات السورية والفلسطينية من بيروت الغربية , وعاد منتصراً إلى واشنطن , ليمنحه الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان ( R.Reagan ) ميدالية الحرية الرئاسية , تقديراً لجهوده الكبيرة في تحقيق الغايات الإسرائيلية . انتهت ولايتا الرئيس ريغان في عام ( 1988 ) , وبدأ عهد جديد للرئيس جورج بوش ( G.Bush ) الأب , الذي كرس جل وقته – بعد حرب العراق الأولى – لعقد مؤتمر مدريد , وقد اختار لتنسيق هذا الموضوع المبعوث الأمريكي دينيس روس ( D.Ross ) الذي زار المنطقة ثمانية مرات قبل انعقاد المؤتمر , وعلى الرغم من انعقاده – المؤتمر – كانت العناوين الرئيسية إقامة سلام عادل وشامل مع دول جوار إسرائيل , وفق مرجعية قرارات مجلس الأمن ذات الصلة . إلا أن الهدف الأساسي كان عقد اتفاقات سلام منفردة , و سعى روس خلال اثنا عشر عاماً قضاها في المنطقة كمبعوث أمريكي ( 1988- 2000 ) إلى عقد اتفاق أوسلو المريض , وإبرام اتفاقية السلام مع الأردن ( وادي عربة ) عام ( 1944 ) . أشعل شارون الضفة الغربية وقطاع غزة بالانتفاضة الثانية , عندما زار المسجد الأقصى عام ( 2000 ) . وعلى إثر ذلك شكلت الجمعية العامة للأمم المتحدة لجنة تحقيق تدرس أسباب الانتفاضة ووضع الحلول والتصورات لوقف العنف في الضفة والقطاع , وترأس تلك اللجنة أستاذ القانون الدولي ريتشارد فولك ( R.Falk ) لكن الولايات المنحدة الأمريكية سعت إلى تهميش دور تلك اللجنة , وانبرى الرئيس كلينتون ( المنتهية ولايته ) بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بعد مؤتمر شرم الشيخ برئاسة جورج ميتشيل ( G.Mitchell ) . وتألفت تلك اللجنة من وزير خارجية النرويج السابق ثوربغورن جاغلاند ( T.Jagland ) و الرئيس التركي الأسبق سليمان ديميرل والسناتور الأميركي وارين رودمان ( W.Rudman ) ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ( J.Solana ) . قدمت اللجنة توصياتها في 30 /4 / 2001 والتي تضمنت خمسة عشرة توصية تؤسس – حسب اللجنة – لما سمته إعادة بناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين . وأهم تلك التوصيات كان تجميد بناء المستوطنات في الضفة والقطاع , استئناف محادثات السلام , إدانة التحريض وحماية الأماكن المقدسة لأتباع الديانات الثلاث . أعلن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول ( C.Powell ) في حكومة بوش الإبن الجديدة تبني " تقرير ميتشيل " لكن لم ينفذ شيء مما ورد فيه , خلا التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل . واللافت أن لجنة الأمم المتحدة كانت قد شكلت لدراسة أسباب الانتفاضة , وقد أسقط تقرير ميتشيل هذه النقطة , ولم ينف ادعاءات إسرائيل بأن الانتفاضة كان مخطط لها أن تقوم حتى ولو لم يقم شارون بزيارة الأقصى . لكن التقرير أشار إلى أن سبب الانتفاضة هو حالة الإحباط لدى الفلسطينيين إزاء عملية التسوية في استعادة أراضيهم أو إقامة دولة قابلة للحياة . ولم تأت اللجنة على ذكر قراري الأمم المتحدة ( 242 , 338 ) المتعلقين بالانسحاب من الأراضي المحتلة . أغفل تقرير ميتشيل آليات التنفيذ , وجعل التقرير " توصيات " مما يثير التساؤلات حول عدم وجود النية لتنفيذ كامل بنوده باستثناء الشق الأمني , المتعلق بإيقاف الانتفاضة , وخاصة مع رفض شارون بند وقف الاستيطان في الضفة والقطاع , وتعهده بمواصلته , وبقاء القوات الإسرائيلية فيهما . أرسلت الإدارة الأمريكية مدير وكالة المخابرات ( C.I.A ) الأسبق جورج تينيت ( G.Tenet ) في حزيران من نفس العام لتطبيق توصيات ميتشيل , واضعاً بنوداً نفصل التوصيات , وتصب كلها في مصلحة أمن إسرائيل . وقد شملت تلك البنود ( التعاون الأمني , وإجراءات فلسطينية , وإجراءات إسرائيلية ) . الإجراءات الفلسطينية كانت تعني قتل الانتفاضة , وتأمين أمن إسرائيل , مقابل إجراءات إسرائيلية اعتبرت عطاءً , وهي حقوق أقرتها الاتفاقيات الدولية , دون أن يكون بين يدي السلطة أية أجندة واضحة لمآل المفاوضات النهائية . ذهبت توصيات ميتشيل أدراج الرياح , وتبعتها خطة تينيت , وأرسلت أمريكا مبعوثها القائد السابق للقيادة المركزية الأمريكية الجنرال أنتوني زيني ( A.Zinni ) في تشرين الثاني من عام ( 2001 ) , بطلب من شارون , حاملاً في جعبته خطة جديدة لوقف إطلاق النار , وقد تضمنت " خطة زيني " , الطلب من الفلسطينيين وقف العنف , دون أن يطالب إسرائيل بإجراء مماثل , وشكل هذا إجهاضاً آخر لتوصيات ميتشيل , وخطة تينيت التي طالبت إسرائيل بوقف هجماتها على " المدنيين الأبرياء " . كما شرعت خطة زيني لإسرائيل في إطار " الدفاع عن النفس " مهاجمة مؤسسات السلطة الفلسطينية , ضمن إطار التصدي لعمليات إرهابية وشيكة " وبهذا أجهزت إدارة بوش فعلياً على توصيات ميتشيل . وضع الرئيس السابق بوش الابن تصوره للحل في المنطقة , بقيام دولتين إسرائيلية وفلسطينية , ضمن ما أسماه " خارطة الطريق " وروج لتلك الخارطة خلال ولايتيه الأولى والثانية , إلا أنه عمد إلى تجميد تلك الخارطة ( على الرغم من أنها لا تلبي احتياجات الفلسطينيين ) , وكان ذلك عبر المبعوث الأمريكي وليام بيرنز ( W.Burns ) الذي كان يعلن مراراً أن مهمته في الشرق الأوسط هي مساعدة أطراف الصراع على احترام خطة السلام , ولكن تلك المساعدة كانت تمر عبر وقف إطلاق النار مع إسرائيل , وسيطرة الحكومة الفلسطينية على جهازها الأمني , الأمر الذي يفرض الاستسلام قبل إعادة الحقوق . وكان اللافت إجهاض اتفاقية جنيف للسلام من قبل بيرنز الذي قال بخصوصها " إن الولايات المتحدة لن تتبنى أية مبادرة سلام غير رسمية ولكنها ستأخذها بعين الاعتبار " . ونصت اتفاقية جنيف على قيام دولة فلسطينية تشمل ( 97.5 ) من الضفة الغربية , ومشاركة السيادة على مدينة القدس , مقابل التخلي عن حق العودة للاجئين في الشتات .
مشاريع ومبادرات وخطط , كان هدفها , منذ مبادرة روجرز حتى الآن , الحفاظ على أمن إسرائيل , وتغيير قرارات المجتمع الدولي وإخضاعها إلى عملية مفاوضات طويلة , وتأويلات مختلفة , تسمح لإسرائيل بكسب الوقت لتضخيم هامش التنازلات العربية , لكن المطلوب بنداً واحداً واضحاً ومحدداً , غفلت عنه ( قصداً ) عين كل المبعوثين, وهو إعادة الحقوق إلى أصحابها , كما قرر المجتمع الدولي والمنظمة الدولية . وإذ ينهي ميتشيل جولته , فستكون الحصيلة , مزيداً من الاستيطان , ومزيداً من التهويد , ومزيداً من الهوان العربي , بانتظار تعيين مبعوث آخر بعد إعلان فشل ميتشل في مهمته | |
|