المدرسة الإسلامية لعلم النفس

المدرسة الإسلامية لعلم النفس


هذا هو الاسم الذي أطلقه الدكتور محمد عثمان نجاتي على فكرته المتمثلة في نشأة مدرسة جديدة لعلم النفس تنطلق من أسس إسلامية بحتة، وتعتمد في ذلك على الدراسات النفسية ذات التوجه الإسلامي والتي تتناول المفاهيم النفسية من منظور إسلامي مستمدة تصوراتها للإنسان وحياته النفسية من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.
هذا لأن مدارس علم النفس في الغرب نشأت انطلاقا من الواقع الذي كان يعيشه علماؤهم، فهذا فرويد اهتم بالغريزة الجنسية متأثرا بثقافة العصر الذي عاش فيه والتي كانت تنظر إلى أن الجنس عملية مشينة يجدر بالإنسان الفاضل أن يقاومها ممّا جعله يهتم بالجنس بطريقة مبالغ فيها حتى ذهب إلى أن المرض النفسي ناشئ عن كبت الدافع الجنسي.كما أن تمجيد الثقافة الأمريكية المعاصرة للإنجاز في العمل وتقويمها العظيم للتنافس والتفوق والنجاح قد أدى إلى ظهور كثير من الدراسات حول الدافع إلى الإنجاز.أما المجتمعات التي غلبت عليها الاتجاهات المادية في الحياة ابتعدت عن الاهتمام بالنواحي الروحية والدينية واتجهت في دراساتها إلى الموضوعات التي تتعلق بالنواحي المادية والبيولوجية والاجتماعية من السلوك الإنساني وتركز الاهتمام في دراساتها لمؤشرات الصحة النفسية على الكفاءة والفعالية في قدرة الفرد على الاستمتاع بعلاقاته الاجتماعية وقدرته على إشباع حاجاته المادية والدنيوية.(1) وعلى الرغم من كثرة مدارس علم النفس عند الغرب إلا أن الحال كما نرى، يعيش هذا العالم في ظل الحياة العصرية الكثير والعديد من المشاكل النفسية التي تزداد حدة وتعقيدا مع زيادة التقدم والتطور وهذا دليل على فشل كل تلك المدارس في الوصول إلى الحل الصحيح لمشاكل الإنسان، مما جعل بعض علماء الغرب يؤكدون على ضرورة العودة إلى الدين للوصول إلى حياة نفسية مستقرة، ومنهم كارل يونج الذي أكد في أبحاثه ودراساته النفسية على ضرورة غرس الإيمان لدى المريض حتى يتم شفاؤه، كما أوضح أن الشخص يصبح مريضا نفسيا حين يضل الطريق عن الجوانب الدينية والروحية ولا يتسنى له الشفاء إلا حين يسترد نظرته للحياة الدينية حيث توفر له القيم الدينية الأمن والأمان.(2)
وكما نرى فإن هذه المشاكل لم تتفشى في مجتمعاتنا العربية الإسلامية إلا عندما ابتعد الإنسان المسلم عن تعاليم دينه ولم يلتزم بما جاء به التشريع الإسلامي من أحكام منظمة لكل تفاصيل حياته اليومية.
هذا كله يجعل أي عالم نفس عربي مسلم يرجع في دراساته وعلاجاته للأمراض النفسية إلى القرآن الكريم والحديث الشريف، فالعلاج النفسي الديني لا يطرق باب اللاشعور ولا يعترف بكبت النزعات الغريزية، إنما هو عبارة عن عملية تهدف إلى تنمية القوى البناءة في الإنسان وإعادة التلقائية إليه وتقوية ثقته بنفسه.(3)
وفي تهذيب النبي صلى الله عليه وسلم لخلق الصحابة رضوان الله عليهم خير دليل على كل ذلك، فقد أحدث الاسلام نقلة نوعية وتغييرا جذريا في أخلاقهم ومعاملاتهم أظهر الفرق بين الجاهلية والاسلام.
-----------------------------------------------------------------------------------------------
(1) مدخل إلى علم النفس الاسلامي: محمد عثمان نجاتي،( 10-11).
(2) ارتقاء القيم دراسة نفسية. عبد اللطيف محمد خليفة،(178-179).
(3) الصحة النفسية، دراسات في سيكولوجية التكيف:مصطفى فهمي،(12).
------------------------------------------------------------------------------------------------
--منقول من موقع أكاديمية علم النفس -----