سلسة تأمّل:طفولةٌ مُسِنّة....

ها نحن في رحلة أخرى في رحاب الطبيعة
لكنها اليوم من محيطنا القريب ،القريب جداً
إنه قاسيون
دمشق
والياسمين الدمشقي
تحت عنوان:

طفولة مُسِنّة..

كنّا صحباً وأيَّ صحب،على مقعدٍ في قطارٍ يسمّى حياة كنا نجلس،ملامح الدنيا كانت تمضي مسرعة ،تجبرنا أن نعمل عقولنا بدهاءٍ وسرعة بديهة،لنتمكن من تفسير تقاسيم وجهها المعقدة.

لكن مع تسارعها المستمر ،وانطلاقة سهمها في الأفق ،أجبرنا على الفراق أنا وطفولتي ،سبقتني إلى المقدمة ،إلى العربة الأولى ،بتهوّر باتت تقود قطاري ،آثرتُ الخروج ونزلت إلى المحطة ،أمام ناظري كانت تمر عربات القطار ،عربة تلو الأخرى حديثة فقديمة،بأربعة عشر عاماً تشكلت ،وها هي الآن تتلخص بلحظة،ذهبت طفولتي إلى قاسيون، وإلى الياسمين هرعتُ،أضمّه، أقبّله،أملأ رئتيّ بعبيره ،كلانا تركتنا دمشق وكلانا جمعتنا دمشق،قاسيون أيها الشيخ الكبير ،عند باب روضتي ،وعند كل صباح طفولي ،كنت تظهر ممسكاً يد طفلتك الصغيرة ياسمين ،تسرعان لملاحقتي كلما فارقتكما ،في باحة مدرستي الابتدائية ،وتمتزجان بروح تلك الإعدادية ،وعند ذهابي إلى هذا العالم الجدي ،أبت ياسمين إلا أن تنتزع دموعي في شارع برنية ،وأنتَ أسرعت وراءها تطل من شرفة طابقي ،دوماً شامخاً أبيّاً ،تعلّمني أن أبكي بصمت بعيداً عن الصخب،ترسل إلى عينيّ رونقاً زجاجيّاً ،إنه حكمتك،إنه كبرياؤك،إنه هدوؤك ،ويا له من هدوء ،أرجوك علّم طفولتي الهدوء فقد وصلت إلى أحضانك متسرعة،متلهفة،متشتتة،تريدان تعرف كل شيء ،عن كل شيء،من أين أتى ؟ولماذا؟إلى متى ؟لذلك سبقتني ،كنا نكبر سوياً ،لكنها لم ترض بالقليل ،لم يكفها هذا الزاد،كبرت وكبرت حتى أصبحت مسنّة،وأتعبتني ملاحقتها،أتعبني الركض خلفها ،أحاول أن أجمع شتات أفكارها المتبعثرة،فقد مدتها إلى كل مكان ،لكن تبعثرها قد فاق صبري بأشواط كثيرة،ففارقتها على أمل اللقاء ،وعدت إلى أرجوحتي أخالط السحاب وأنا احلق على متنها،وكرسيي الصغير،والملعقة التي تهبط بيد أختي إلى فمي ،ولعبتي المفضلة التي أحضرها لي أبي،وامي التي تلبسني فستاني،وتتفنن بتزين خصلات شعري،إني هنا أتمتع أكثر،تجبرني الابتسامة على الضحك ،والضحك على البكاء ،أشعر بالطمأنينة أنا وياسمين،شكراً لك يا طفلتي أنك لم تفارقيني حتى عندما أتيت إلى أرض هذه الثانوية .

ما زلت أتحسر رغم مضي أربعة عشر عاماً،أن بكائي الأول لم يكن في أرضك يا دمشق،بل كان بعيداً ،والآن ابتهل أكثر وأكثر أن يحفر قبري ها هنا بعيداً عن تلك الأرض قريباً من ها هنا وتتسلق عليه ياسمين ،ويحضنه قاسيون،وعندها سيكون مناي أن الياسمين الذي زرعتُه في تربتها أعظم وأعظم والعبير الذي عبقت به قلوب أبنائها أطيب وأطيب.

دمشق ..مثلك سأكون أتطلع إلى الدنيا بحماسة شبابك ،وأنثر دموعي نجوماً في سمائك ،قاسيون حكماً لحياتي ،ومؤنستي ستكون ياسمين،فلن أتخلى عن البراءة بل سأظل ألملمها وأرسمها شمساً تسطع حياة للعالم.

ها قد حان الوقت للقاء ،لقائي أنا وصاحبتي ،ولكن..قبل أن نلتقي تعاهدنا..تواثقنا..أن لا يجمعنا شيء سوى..طفولة مسنة..

في التاسع عشر من نيسانتمّت بعون الله..

فتأمّل ما حولك وأنصت السّمع ..
علّك تستطيع تفسير حياتك بالحياة..

ما قصدته هو أن نعيش حياتنا بهمّة الشباب مهما طال العمر

مثل دمشق التي صمدت رغم السنين وكانت تتطلع دوماً نحو

الأمام بغية التطور

ولا ننسى البراءة أبداً مثل الياسمين الدمشقي

فإنها ستعطينا للحياة ذالك العبير الذي يجعلها أرق وأجمل

وقاسيون هو حكمة المسنين والعجائز

التي علينا البحث عنها

في جنبات الحياة

لذلك أقول هل خطر على بالكم مرة فقط أن تنظروا إلى دمشق وقاسيون والياسمين الدمشقي بهذه الطريقة

بطفولة مسنة؟؟؟

بصراحة..لم يخطر ببالي أبداً أن أنظر إلى دمشق , و قاسيون , و الياسمين الدمشقي بهذه الطريقة البديعة
و لكن فعلاً..أنت على حق في كل ما قلته
لا بد لنا من الصمود أمام مشاكل الحياة و تجاوز عقباتها دون أن ننسى مدى جمال الطفولة و براءة الطفولة

أنا أشكرك ثواب على هذه الكلمات الرائعة .. و أنا بانتظار المزيد
وفقك الله

شكراً رباح

لكم أشتاق الآن أن ينتثر الياسمين في انحائك يا دمشق

ويتضوّع طيبه هنا وهناك

ليملأ الأرواح

ويعيد إليها البسمة من جديد

عدد المساهمات : 445 تاريخ التسجيل : 22/02/2010

بارك الله لك في قلمك يا ثواب flower

عدد المساهمات : 48 تاريخ التسجيل : 28/09/2009

اليوم زرتُه ... زرت قاسيون ... بدت منه دمشق شاحبة ... حزينة
مرتديةً زيّاً ما شهدتُه من قبل
ولكنها أخبرتني وبثقة ... أنها على يقين 100% أن الابتسامة ستعود اليها وأن الله تعالى معها ... سيحميها باذن الله
وأخبرتني أيضاً أن لا يأس مع الحياة .. وأن لا تيأسوا من روح الله
(وكانت السماء في ذات الوقت ترسل رسالتها لتقول الشئ ذاته)
وحمّلتني أمانة نشر التفاؤل والأمل في كل من حولي ... وبدورهم سيوصّلوا هذه الأمانة لمن حولهم
ألا هل بلّغتت .... اللهم فاشهد

زائر

شكرا لك وجزاك الله خيرا فحقا لقد نشرت لنا التفاؤل و الأمل اليوم وأسأل الله أن يديم عليك ابتسامتك دائما فبها يدوم التفاؤل I love you

حقا عجزت عن وضع تعليق لهذه الكتابة الرائعة....!!!!
شكرا ثواب ............

كتاباتك تعجبني جدا ثواااب

شكرا لك..

ولكن..

من الصعب في هذه الأوقات أن يعم القلب بالتفاؤل كما كان

ومع هذا فمن المفروض نشره....

» سلسة تأمل :لا بد أن ننكسر...
» سلسلة تأمّل:ترى هل من الجنون..!!؟؟