عرض الكتاب: غريب في المجرة .... د.أحمد خيري العمري

عرض الكتاب:
غريب في المجرة
د.أحمد خيري العمري

مجموعة من الرسائل القوية من خلال رواية لحب في الله

مجموعة من الرسائل يبعثها الكاتب في طيات كتابه إلى صديقه ه ب "بصفته الشخصية أولاً" وبصفته ممثلاً عن فئة من الجيل "احتازت التعليم ولكنها تحز الثقافة: كرؤية متكاملة للحياة تشمل تغيير السلوك والأدوات والمفاهيم.." ثانياً.

رواية عن حب في الله اشتعلت شرارتها الأولى في واحدة من ليالي العشر الأواخر من رمضان عندما كان الكاتب يصلي التراويح ويسمع الإمام وهو يقرأ سورة الإخلاص كما لو أنه يسمعها لأول مرة... أحس فيها بخشوع مميز (وصفه بتفصيل جميل).... وعندما سجد طلب من الله شيئاً واحداً .... أن يستمر ذلك الشعور.... لكن طريقة الاستجابة للدعاء "كانت استثنائية" تمثلت في القصة التي يحكيها الكتاب...

أبطالها أو طرفاها شخصان لم ولن يخطر ببال أحد أن تجمع بينهما رابطة صداقة أو أخوة أو حب، طرفها الأول هو الكاتب طبيب أسنان نسج شبابه في "برج عاجي مبني من آلاف الكتب" هوايته "ملاحقة الكلمات في حقول الأدب" وطرفها الثاني هو ضابط نزف شبابه "بين السواتر والخنادق وفي جوف الدبابات" هوايته "اصطياد ..... تعرف ماذا" ثم يمضي الكاتب في سرد الاختلافات بينهما التي لو استرسل في سردها "لنفذ الوقت قبل أن نجد لها نهاية"
"ولو أنفق أحدهم ما في الأرض جميعاً ليؤلف بين قلبينا لما حدث ذلك..."
"لكن الله ألف ..."
"الحب في الله ...هذا هو!!"
"حب في الله"
"لا ميزان متعادل. ولا مكاييل للتوازن. ولا مقايضة في المشاعر ... لا حاجة هناك لأن يكون عطاؤك موازياً لأخذك ....... لا تفكر متى يرد جميلك لأنك أصلاً لا تعتبر أنك أديت جميلاً أو فضلاً"

بدأت القصة "عندما دخل ذلك الشخص العادي والعابر والذي يشكو من ألم عادي وعابر في أسنانه" عيادة طبيب الأسنان (الكاتب) ... وبعدها أمسية (بيت الفلفل) Chilli House التي حكى فيها ذلك الشخص العادي "كل ذلك الماضي، كل ذلك الفراغ، كل تلك المعاصي، وكل تلك الكبائر ...وكل ذلك البعد... وكل ذلك الصدق" وقال فيها الكاتب بالحرف "لن أتركك هكذا" ويمضي الكاتب في محاولاته لإيفاء وعده مستخدماً الشيء الوحيد الذي يظن أنه يتقنه أكثر من أي شيء آخر في العالم – الكتابة.

ثم يستطرد الكاتب في سرد تفاصيل هذه العلاقة كيف بدأت وأين بدأت كيف اشتعلت شرارتها الأولى ثم تطورت بعدها، مرة علت مرة انخفضت ثم ثارت ثم استقرت، مراحل مر بها الطرفان يسردها الكاتب بأسلوبه المشوق لـتأخذ الحيز الأكبر من صفحات الكتاب.
"هنا كتبت دون أمل... وهنا صددت أنت وبدا الأمر بلا أمل."
"وهنا كتبت ولم أجرؤ على إعطائك... وهنا كتبت وتجرأت.."
"وهنا فشلت وأخفقت... وهنا نجحت وحلقت..."
"وهنا قلت لي –دون حتى أن أسألك- فجأة ودون مقدمات، إنك تأثرت بما كتبت.."
"وهنا تماديت في نكء جروحك. وهنا أرقت أعصابي في إرهاق أعصابك.. وهنا أجهشت سراً، وهنا جعلتك تجهش.."
"هنا لم تهتم. هنا ثرت. هنا جادلت، وهنا ببساطة رفعت رايتك البيضاء... واستسلمت.."

إلى أن جاءت لحظة الفراق....
وربما كانت أجمل لحظات الرواية وأكثرها تعبيراً هي أصعب اللحظات التي عاشها الكاتب عندما أيقن أن صديقه سيرحل...
كانت لحظة الوداع والحرب على الأبواب "الحرب على العراق" أراد الكاتب أن يودع صديقه ولكن ليس بالكلمات التقليدية التي تقال "أراك بخير" أو "نراك قريبا" كان يريد أن يعلم أنه سيبقى على الخير الذي تعاهدا عليه..
"نعم دعني لا أراك أبداً ولكن فقط، اثبت"
"اضمن لي أنك ستثبت وأنا أضمن لك أننا سنلتقي"
وحدد له مكان اللقاء "هناك عند الظل ... الظل الذي لايزول"
اختصر الكاتب في صفحات قليلة ثمرة الحب في الله هناك عندما تقوم القيامة، عندما يشتد الحر ويشهد الناس الأهوال سيكون للمتحابين في الله حصة في ظل عرش الرحمن "وهناك يا غريب المجرة، سوف تنتهي غربتنا إلى الأبد .. هناك سوف تتوحد المجرات وسوف يبدأ الأبد"

"فإذا وصلت قبلي، ودخلت تحت الظل ولم تجدني فانتظرني، وإذا وصلت ولم أجدك سأفتش أكثر وأكثر وأظل أنتظرك، وهناك تحت الظل (إذا سمحوا لي) لسوف أظل أنتظر"
"أقول لك الآن موعدنا هناك فلا تتأخر"
"والأهم إياك أن تخلفه"

وكن نبأي العظيم (الرسالة الثانية من طبيب الأسنان إلى صديقه)

أراد الكاتب في هذا الفصل أن يخبر صديقه عن الإيمان افتعل العبارات وأعاد الكتابة مرات حتى يشعر صديقه بأهمية الإيمان "الذي هو صورة من صور النبأ العظيم" الإيمان الذي يجعل للحياة معنى وهدف واختصر ذلك عندما قال "لك شيء في هذه الحياة فقم"
ثم تأتي المفارقة:
"وإذا بك تنقذني، ولأني نويت أن أنتشلك من هاوية السبعين خريفاً إذا بك تنتشلني من هاوية عمقها سبعمائة صيف في جهنم "
"فستكون أنت، ياللمفارقة، النبأ العظيم الذي سينقذني يوم لا ينفع مال ولا بنون"

كوابيس قرآنية

يبعث الكاتب كعادته مجموعة من الرسائل القوية إلى صديقه وإلينا من خلال سرده لكوابيس طاردته في إحدى الليالي "كوابيس تجعلني أرى صحوي بطريقة مختلفة - ربما أفضل"
كوابيس تدور أحداثها في جهنم وأبطالها مالك وخزنة جهنم ومجموعة من الناس الذين يعرفهم والذين لا يعرفهم وقد يكون الكاتب واحد منهم. كما تصور كوابيسه يوم الحساب عندما يقف كل واحد منا ليتلقى مجموعة من الأسئلة عليه أن يجيب عليها وأهمها
"سؤال بسيط، بسيط جداً لكن جوابه معقد جداً.. ويلخص القصة كلها ... قصتنا وقصة غيرنا ... إنه سؤال: هل فكرت أن تترك هذه الأرض وهي مكان أفضل مما دخلته؟ هل جاء ذلك أصلاً في بالك؟ أم إنك كنت تخوض مع الخائضين؟"

دوماً هناك

يخبر الكاتب هنا صديقه عن الله "الحقيقة الوحيدة – الأولى والأخيرة"، يخبره أن الله معنا في كل أحوالنا في أفراحنا في أحزاننا في قوتنا في ضعفنا ....
"في ألم المبدعين، في معاناتهم، وفي عطائهم الغامض العظيم..
في الدهشة تغزو الأحداق. في العيون المفتوحة باتساع...
في ألوان قوس قزح تسكن عيون الأطفال، وتظل تطمح للمزيد..
في الغيمة، عند المطر
في الرجوع ، بعد السفر
في الأمان، عند الخطر
في المتعة، قبل الضجر
في اللوعة، عند السهر
... دوماً هناك."

ويطلب الكاتب من صديقه أن يكون هناك حيث يريد الله.
"كن هناك"

كتاب بالفعل رائع..
بدأت البارحة بقراءته..
ممكن ريثما أنتهي منه أن أعير من تحب الإشتراك بمسابقة القراءة بعض الكتب..
أنا في الشعبة الثانية\حادي عشر..

قد ألهبت في قلبي الشوق لقراءة هذا الكتاب
وقبل أن أقرأه أشعر بأنه عظيم
عظيم وراقي ويحمل نفس الأفكار السامية التي كانت في رواية ألواح ودسر
شكراً على النصيحة لقد عرضت علي فتاة اليوم أن تعيرني إياه والآن قد تحمست كثيراً