شراك خفية في صنع القرار

Admin عدد المساهمات : 1572 تاريخ التسجيل : 09/08/2009

شراكٌ خفيّة في صناعة القرار
كيف تتقي شرّاً لا تشعر بوجوده؟

البروفيسور مات إيفانز

يمتلئ طريق صناعة القرار بالكثير من المطبّات والشراك الخفيّة. ويتعسّر تمييز هذه الشراك لأنّها جزءٌ مندمجٌ في عملية صنع القرار لدينا نحن البشر.

من هذه الشراك دخول التصورات المسبقة كعناصر مسيطرة في صنع القرار، أوالتحيّز نحو أحد البدائل، أو الوقوع في أسر الوضع الراهن والاستسلام لراحة الإبقاء عليه، أو الانجراف في دوّامة "التكاليف والقرارات الهالكة".

1- الطِوالات: وهم التفكير المنطقي في نطاق غير منطقيّ
الطِوالة هي ذلك الحبل الذي يربط فيه الحصان أو غيره ويتيح له الحركة داخل نطاق معين.

يمكن إطلاق مصطلحي "الطوالات" أو "المراسي" (anchors) على تلك العوامل التي تجعلك تتوجّه في صناعة قرارك مقيّداً تفكيرك باتجاه أو نطاق محدّد نتيجة الاطلاع المبكر على تصوّرٍ ما وقبل أن تمضي الوقت الكافي في تحليل القرار وعوامله بنفسك.

مثلاً: لنفترض أنّني أفتتح التفاوض معك بشأن أتعاب خدماتي المعروضة عليك. إن دخلت موقعي الإليكتروني فسترى كم تبلغ معدلات الأتعاب التي أتقاضاها، وهذه المعلومات قد تقيّد تفكيرك بالسعي إلى قيمٍ في نطاق قريب ممّا رأيته.

تؤثّر "الطوالات" على صناعة قرارك بتوليدها الانطباعات في داخلك. وبالرغم من استحالة تخلّص البشر منها نهائياً فإنه يبقى ممكناً تقليص آثارها من خلال تجنّب الاطلاع والانشغال بالمعلومات المؤثرة على قرارك وتأجيل ذلك إلى حين انتهاء المرء من تمحيص وجهات نظره وظروفه الخاصة بنفسه.

2- الانجراف في دوامة القرارات والتكاليف الهالكة:
في هذه الدوامة يقع حاضر المرء ومستقبله رهائن تصرّفاته وقراراته الماضية بسبب مشقّة الاعتراف بالأخطاء والنواقص التي شابت صناعة القرارات السابقة، أو بسبب العجز عن الاعتراف بضياع التكاليف والجهود المبذولة في الماضي، والبدء بصفحة جديدة.

وهكذا نرى المرء يجري وراء سراب استعادة التكاليف أو إنجاح القرارات ببذل المزيد من الموارد في الاتجاه ذاته، وتجاهل أن هذا البذل الذي يبثّ أملاً خادعاً ويخفي معالم المشكلة مؤقّتاً إنّما يضاعف الخسارة في الحقيقة ويضاعف الفضيحة الواقعة حتماً.

للتخفيف من آثار التعلّق بالقرارات والتكاليف الهالكة sunk costs or decisions ينبغي على المرء الإصغاء إلى آراء الأشخاص الذين لا علاقة لهم بمشروعه. وكذلك ينبغي على الإنسان الإقرار بأن الخطأ جزءٌ طبيعي في صناعة القرار.

3- الخوف من إقلاق راحة الوضع السائد:
يكثر هذا النوع من التحيّز في صناعة القرار لدى المنظّمات غير المعتادة على طلب التغيير وتقبّله. وينجرّ الإنسان إليه أيضاً لأنّ مفارقة الوضع السائد تحمّله مزيداً من المسؤوليات والانتقادات.

كيف يتخلّص المرء من قيد الوضع السائد؟ فليسل صانع القرار نفسه دائماً: لو لم يكن هذا الوضع السائد هو السائد فهل كنت سأتخذ قراري هذا المنحاز إليه؟

أكان ممكناً لهذا الوضع السائد أن يكون سائداً لولا أنّ صنّاع القرار يتحيّزون للإبقاء عليه مرةً بعد مرّة؟

تذكّر الشراك السابقة دائماً، وتذكّر أيضاً أنّ احتمال وقوعك فيها وفي غيرها يزداد كلّما زادت الافتراضات المسبقة التي لا تدري لماذا تتمسّك بها. ودمت سالماً!

من مجلة الابداع

» الخوف من اتخاذ القرار...
» نموذجٌ عمليّ لصناعة قراراتٍ أفضل في فريق العمل ( القرار الجماعي )