هــل فــات الأوان لـتبدأ مـن جـديـد … حــدد مســارك للأستاذ باسل شيخو
تعليق حول الكتاب للكاتبة : سهير علي أومري
كم من المرات تمنينا لو ننهض من سباتنا… لو نصحح المسير وننطلق في اتجاه جديد… وكم من المرات وقفنا عاجزين نشعر أن تغيُّر جهة دوران عقارب الساعة ربما كان أسهل مما تمنيناه…
كم من الكتب قرأنا، وكم من البرامج شاهدنا، وكم من المحاضرات حضرنا، ثم وقفنا بعدها نردد قائلين: ولكن كيف؟! كيف ندير دُفَّة مراكبنا، ونفتح أشرعتنا، ونرفع مراسينا، ونعلن بدء رحلة جديدة إلى غاية بعيدة طالما حلمنا بها وأردناها لحياتنا…
من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب:
هل فات الأوان لتبدأ من جديد
للكاتب الأستاذ باسل شيخو من منشورات دار القلم – دمشق
فقد جاء هذا الكتاب ليأخذ بيد القارئ ويسير معه برفق وروية نحو واقعٍ جديد وغدٍ جديد…
فليست الغاية من هذا الكتاب أن يتزود القارئ بمعرفة جديدة بل لتحيا في نفسه المعرفة، ويتمكن من تحويلها من إطار العقل إلى إطار السلوك…
وذلك من خلال منهج عملي يتوجه به الكاتب إلى النفس البشرية مسايراً أنواعها مقدماً زاداً غنياً موجَّهاً للعقل والنفس والسلوك وصولاً إلى نقطة تتمكَّن فيه هذه النفس أن تنهض لتحدد المسار وتبدأ من جديد…..
مع هذا الكتاب يرحل القارئ رحلة عقلية ونفسية منعشة، فيتوقف عند محطاته الثلاثة ليتزود في كل منها بزاد، حتى إذا ما وصل إلى المحطة الرابعة وجد نفسه جاهزاً ليخوض تجربة عملية تعينه على البدء العمليّ لمسيرة جديدة في رحلة أعمق وأكبر إنما هي رحلة حياته التي كثيراً ما تمنى أن يبدأها في يوم من الأيام….
كم رددنا ونحن صغار مقولة: “الكتاب خير جليس للإنسان…” إلا أن هذا الكتاب يجعلك تردد هذه المقولة بمجرد أن تبدأ بتصفحه، فالغاية المرجوة منه لن تكون بزجِّ معلوماته في رؤوسنا، بل بمصاحبته وجعله أنيسنا وصديقنا ودليلنا في مرحلة البدء التي نتوق إليها… نعود إليه، ونكرر عناوينه، ونقرأ ما بين سطوره، ونغرق في قصصه، ونتوقف عند كل عبارة أثرت فينا لأنها ربما كانت نقطة التحول التي سننطلق منها… سنصطحب معنا في هذه الرحلة كُرّاساً وقلماً فندوّن ما فهمناه وما تعلمناه وما أسقطناه على واقعنا، ولا ننسى بعد ذلك وأثناءه أن نسرد ونناقش ما جاء فيه مع أشخاص آخرين لأننا بذلك نكون قد أطلقنا صافرة تبشر بإقلاعنا لنبدأ من جديد….
تلك هي أدوات الإفادة من هذا الكتاب والتي أشار إليها الكاتب في بداية الكتاب…
في أولى محطات الكتاب يتوقف القارئ مع البعد العقلي ليجد فيه آليات منوعة للتفكير المنفتح وظلالاً ممتدة تدعو إلى نبذ السلبية بكل صورها وأشكالها والأخذ بزمام الإيجابية…
وفي محطته الثانية يُنزل القارئ مرساته عند البعد النفسي ليجد الكاتبَ فيه يسبر أعماق النفس الإنسانية متوقفاً عند ما يعتريها من حالات الضعف والقوة، ليحذر من الأولى ويدعو إلى الثانية…
ثم يتابع القارئ رحلته لينزل عند البعد السلوكي فيتمتع بمواقف نابضة بالحياة يركز الكاتب عليها، ويسلط عليها المزيد من الضوء إيقاظاً لقدراتنا النائمة وتوظيفاً لها في الطريق الصحيح…
محطات تغذي أبعادنا الإنسانية الثلاثة، وذلك من خلال قصص ومواقف غنية وحكم تختصر حياة الآخرين وتجاربهم توقظ الهمم حيناً وتوقد مشاعل الفكر بحروف من نور حيناً آخر، فتحيي فينا الأمل، وتبعث في أوصالنا التفاؤل بأننا لا شك قادرون… نتوقف عند كل صفحة لنجد أنفسنا أمام عنوان كبير يفتح أمامنا أفقاً رحباً لأفق بعيد ومعاني عديدة تفهمها كل نفس بحسب مكنوناتها…
وهكذا إلى أن نصل إلى المحطة الأخيرة والتي تحمل عنوان: تحديد المسار… في هذه المحطة لن نغوص بين الحروف والكلمات، بل سنكون نحن من يبدع الحروف ويثبت على الأسطر الكلمات، ولكنها لن تكون كلمات عادية لأننا ربما نسطرها لأول مرة ومعها سنكتشف أنفسنا لأول مرة… سنقف مع ذواتنا وقفة طالما احتجنا إليها من قبل… سنتعرف إلينا، ونحدد أهدافنا، ونكتشف العوائق الحقيقية التي تعترض مسارنا، ونتعلم كيف نخطط لإنجاز أهدافنا، وكيف نبرمج أوقاتنا، ونجعل الزمن صديقنا وتيارات الحياة تسير معنا…
كل ذلك من خلال مقدمات عملية تعليمية تليها أسئلة لم نطرحها على أنفسنا من قبل… سنقف أمامها، ونفكر فيها ملياً، ثم نجيب عنها لنجد في النهاية أبعاد الطريق قد لاحت وكيفية البدء قد اتضحت…
عندها سنقف لنقرأ ما كتبناه من جديد ونحن نتلمس السبيل للانطلاق، وستلتمع في الأفق حروف ثلاث:
حرف الكاف والياء والفاء
لتصبح هذه الحروف مفتاحاً لإجابةٍ خططناها بأيدينا برويّة، ووقفنا أمامها مليّاً… عندها يكون الوقت قد حان لنعلن أمام أنفسنا الـ (لا) عالية مدوية ونحن نقول:
لا لم يفت الأوان لنبدأ من جديد