محاكمة بعد الإدانة بالذنب......المحكمة العليا

عاد ابن آدم لبيته....
وبدأ يفكر
إنها الجلسة الأخيرة

مرّغتني الذنوب بأوحالها
جافتني عبرات الأسى والندم
قلبي قد استحال حجراً ثقيلاً لا أقوى على حمله
عقلي بدأ يفقد توازنه وينزاح عن الصراط المستقيم
ضججت من الانكباب على الدنيا وضججت من الانكباب على الخلق
أشعر بقيظ شائك في حلقي
وتاج من كبر يضغط على رأسي
ذنب أحكم إطباق نابيه على عظامي وما عادت تصطك خوفاً ولا خجلاً
ما عادت العين تبكي
ما عاد الفؤاد يشتاق
ما عاد يتوق للقاء
صار نبع الحب غائراً.......وبحار الوجد بخاراً
تصحّرت الجنان
وانكفأ السمو من حيث القمة العالية، متلاشياً بين ذرات الوجود المتشاجرة
كسر جناح الإيمان.....وجرح جناح الحب
ما عادت الروح تحلق
مالي لا أسمع النبض، مالي لا أبصر النور
ما للورد فقد عبيره، ما للسماء فقدت صفاءها، ما للمروج مصفرة مكفهرة، ما للأشجار ماتت على حين غرة......
لم لا تضيء النجوم، لم لا يبرق القمر
لما أنا بارد والشمس ساطعة
لماذا أنا نائم والطيور صاحية
أما عدت إنساناً يا أنا؟؟؟؟؟؟؟
من أين لك أن تكون بشراً إذا لم يقدك عقلك ولم تشدّك روحك ولم تعصف بك رياح وجدك إلى حيث نوره الذي لا ينطفئ
ما أنت إذاً بابن آدم ........فما آدم إلا نبي كريم
لا لست أنت إذاً ذاك الذي سجدت لوالده الملائكة
لا لست أنت إذاً ذاك الذي سخر الله له كل الكون
لا لست أنت إذاً ذاك الذي خلقه الله في أحسن تقويم
ولست الذي خلق له الجنة......
ولست الذي خلقه فرعاه برحمته ونظر له بعين رؤوف قيوم لا ينام
لست الذي أنعم الله عليه...فما استطاع ذاك الجَجود شكراً لكثرتها
ولكن ها أنا على باب كنز من كنوز الله .....ما ألاقيه إلا مرّة في العام
أفأصبر على فراقه؟
أم أطيق انتظار عام كامل لأعوّض ما فاتني من كنوز؟
أم أنا زعيم بعام أعيشه أصلاً؟
أمحصول لا أحصده؟
أهديةً لا أقبلها ؟
أيا أنت؟...........يا أنا
ناديه!
أيا رب......هذه روح فقيرة تجتر البؤس والكآبة
وتحتسي من بعدها قدح السعادة ............ماء زلال شفاف
تجود به الأرض حيناً، وتمطره السماء أحياناً
فما للغيوم لا تمطر؟
ما لها لا تملأ الدنيا بشراً وخيراً
ما للقطرات لا تتغلغل في الأرض فتبعث الأرض إلى أبنائها أني انتشيت فانتشوا.......أني ارتويت فارتووا
نداؤها الذي اشتقنا له
نداؤها الذي يرسل نغمات قدسية بين سطور أنشودة الأذان
أن الحمد لك يا إلهنا
استصرخ أضلاعك!
فلتقل الله أكبر
هلم يا أنت يا أنا
شق طريق العودة الذي بات غير سالكاً
افتح الباب بالفاتحة
احن رأسك المنتفخ بالكبر
صبَّ خلاصة روحك في سجدة خاشعة
أما آن لصحراوات شاسعات أن تستصلح وتنبت من جديد
ومن أين لي بطائر يحملني وأوزاري الثقيلة إلى حيث السماء
بوسعي أن ألقي بها كما يلقي طاقم السفينة بعض الأمتعة ليكملوا الرحلة بأمان
أمام عظمة خلقك يا رب
أشعر بجاذبية مستحيلة على المقاومة لأن لا أرفع رأسي
لأن أبقيه ساجداً
طوال شهري
طوال ما كنزي ضيفي
طوال ما أنت ماكث عندي
يا نبع الخير.....

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.

.
.
.
.

.
.
.
.

.
.
.
.
هي!
أثّرت به المحاكمة!
الحمد لله...... sunny

» محاكمة بعد الإدانة بالذنب