القراءة ...الكنز المفقود في حياتنا

ملخص كتاب "القراءة...الكنز المفقود في حياتنا"
د. أحمد محمد سعيد السعدي

لطالما أدهشني قول ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر :
"ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيت كتاباً لم أره فكأني وقعت على كنز....ولو قلت إني طالعت عشرين ألف مجلد، كان أكثر، وأنا بعد في الطلب".

وقد قلت في نفسي: ما الذي جعل الكتاب لهذا الرجل كنزاً، ولكثير من المعاصرين عبئاً! وكيف يمكن أن نجعل أبناءنا الذين هم مستقبل هذه الأمة، كسلفها. الكتاب عندهم كنز يبحثون عنه حيث كانوا.

ليس ابن الجوزي هو الوحيد في هذه النظرة، إنها نظرة أمة كانت سيدة الأمم. تجد ذلك في زعمائها كما تجده في عامتها. فالمأمون كان ينام والدفاتر حول فراشه ينظر فيها متى انتبه من نومه وقبل أن ينام. والفتح بن خاقان، وزير المتوكل، كان يضع الكتاب في كمه فإذا قام من أمام المتوكل لقضاء حاجته أو الصلاة أخرج الكتاب فنظر إليه وهو يمشي حتى يبلغ الموضع الذي يريده. أما أبو بكر الخياط فقد كان يقرأ في الطريق، وكان ربما سقط في جرف أو خبطته دابة وهو يقرأ غير منتبه لما حوله.

ولم يكن ذلك حالهم في الشباب فقط، بل كانت القراءة معشوقتهم يزداد عشقها مع تقدم السن ومرور الأيام، فأبو الوفاء، ابن عقيل رحمه الله يقول:
"وإني لأجد من حرصي على العلم، وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة"

ويقول الشيخ علي الطنطاوي:
"لو أحصيت معدل الساعات التي كنت أطالع فيها لزادت على عشر في اليوم...سبعون سنة في كل سنة اثنا عشر شهراً في كل شهر ثلاثون يوماً في كل يوم مئة صفحة ...كنت ولا أزال أقرأ في كل علم: في التفسير وفي الحديث وفي الفقه وفي التاريخ وفي الأدب....وفي العلوم على تنوعها وتعددها"

لماذا أقرأ؟

القراءة أولاً واجب شرعي على كل مسلم قادر على القراءة.

وهي ثانياُ واجب حضاري فالأمة في مؤخرة الأمم ولا سبيل للنهوض بها إلا عبر وسيلة جدية لعل من أهمها القراءة.

والقراءة ثالثاً هي واجب اجتماعي فالعلاقات اليوم كلها صارت علوماً مدونة: تربية الأولاد، السلوك الرشيد، أصول المعاملة....
الأمة بحاجة إلى مطالعتها والفرد لكي يضمن مكانه ضمنها، بحاجة إلى قراءة الشيء الكثير منها.

والقراءة رابعاً واجب شخصي، أي لا يكون الإنسان في واقع أمره وضمن مجتمعها في أيامنا هذه ذا مكانة إلا بالقراءة فهي السبيل ليطور نفسه وليحصّل رزقه.

القراءة من المهد إلى اللحد

أثبتت البحوث والدراسات أن الجنين في بطن أمه إذا سمع عبارات منسقة صارت لديه نوع من التفتح في الذهن

ومن حِكَم الصينين: "إذا أردت أن تعرف مستقبل أمة فانظر إلى ما يقرؤه أطفالها".

يقول المعافى بن زكريا:
"كنت بحضرة أبي جعفر بن الطبري رحمه الله قبل موته وتوفي بعد ساعة أو أقل منها، فذكر أمامه دعاء عن جعفر الصادق فاستدعى محبرة وصحيفة فكتبه فقيل له: أتكتبه وأنت في هذه الحال؟ فقال: ينبغي للإنسان ألا يدع طلب العلم حتى الممات"

ماذا أقرأ؟

اسأل نفسك دائماً: ما الهدف الذي أبتغيه من هذه القراءة؟

إن كانت القراءة لامتحان، فاقرأ ما يرفع درجاتك فيه.

وإن كانت للأجر والثواب، فاستزد من قراءة ما ينفعك في أخراك.

وإن كانت للاستمتاع فاقرأ القصص والروايات.

المهم أن تكون قراءتك على أساس من أهداف تتواخاها.

لكن لا تنس أن القراءة في التخصص ينبغي أن لا تنقص في الأحوال العادية عن خمسين بالمئة مما تقرأ
وقراءة القصص العامة والروايات ينبغي أن لا تزيد على عشرة بالمئة مما تقرأ.
وتذكر أن التنوع هو الذي يزيد من عشقك للقراءة وتعلقك بها؟

كيف أقرأ؟

توجد عدة طرق وتختلف باختلاف محتوى الكتاب فالكتب المميزة تقرأ:
حدد نوع الكتاب والمجال المعرفي الذي يتحدث فيه قبل أن تقرأه.
حدد الكلمات المهمة التي تقوم عليها المعاني العامة الأساسية في الكتاب (الكلمات المفتاحية)
اكتب الجمل المحورية على هامش الكتاب أو سطر تحتها لتحديدها.
لخص كل فصل أو فقرة بجملة كلماتها من عندك.
حدد الأفكار الجديدة وسجلها أول الكتاب أو على دفتر خاص.

السرعة في القراءة:

عدم التلفظ بالكلمات عند القراءة
عدم وضع شيء يغطي قسماً من الكتاب من مثل وضع مسطرة تحت السطر المقروء، والأولى أن يضع قلماً أو إصبعاًً تحت الكلمات المقروءة منعاً للانكفاء والشرود.
محاولة فهم الجملة فهماً إجمالياً
تجاوز الجمل والفقرات التي لا تبدو أساسية في الموضوع

اقرأ منتقداً لما تقرأ

لا تستسلم لما تقرأ، كثير من الكتب تحاول أن ينتصر لفكرته وقد لا تكون صواباً فعلى القارئ أن ينظر نظرة ناقدة لما يقرأ دون أن يبالغ في الشك.
فإن كان ناقداً حصل الفائدة واطلع على آراء الآخرين ولم يؤت من جهة جهله وإن استسلم للكتاب كان إمعة.

لا عذر لك في ترك القراءة

كثير من الناس يقول لا وقت لي للقراءة. وليس ذلك صحيحاً فالكثير من الأوقات يضيع في غير طائل وقد يقال: لا مال لي أوفره للكتب والكتب اليوم ميسورة في كثير من الأحوال والأماكن استعارة أو بأسعار زهيدة
وها هي المكتبات العامة متوافرة والمكاتب الالكترونية تنتشر على شبكة الانترنت وفيها الكثير من الكتب التي يسهل تنزيلها وقراءتها مجاناً
((بل الإنسان على نفسه بصيرة* ولو ألقى معاذيره))

» مفاتيح الكنز.........
» حياتنا في هذه القصة
» دراجة حياتنا لماذا تقع؟؟