هل تعرف الحب حقاً..(حين يخفق قلبي لأول مرة)

" أنت بالذات من المستحيل أن تحبي"
قالتها و هي تنظر إلي بشفقة و حزن....... بمشاعر لم أظن أنني سأواجَه بمثلها يوما....
كانت صديقتي واحدة من أولئك الذين اعتدت النظر إليهم بتلك النظرة المشفقة ( و الساخرة أحيانا )........... من أولئك الذين غلبوا عاطفتهم على عقلهم , فكان أغلب حديثهم عن الحب و المحبة و المشاعر الإنسانية.... التي لم تمثل لي حينها إلا ضعفا في الشخصية و نوعا من إذلال العقول و إخضاعها لما هو أقل منها شأنا............للعاطفة.
العقل الذي لطالما كنت أومن بأنه الحل الوحيد في كل موقف يعترضني , في كل مشاكل الحياة و كل تعقيداتها لم يستطع يومها إلا أن يقف عاجزا أمام تلك النظرة
و بدأ كعادته بالسؤال الأهم.........لماذا؟؟
لماذا تنظر إلي هكذا ؟؟؟؟ لماذا لا أستطيع أن أحب ؟؟؟
ثم........
ما هو الحب أصلا....؟
ما تعريفه....؟
أين أجده ......؟ و هل يستحق مني البحث؟؟
عدت حاملة معي هذه التساؤلات التي لازمتني أياما ....
إذ لم يعتد عقلي أن يقف أمام شيء....
لقد بحثت سابقا في أمور حسبتها مستحيلة الفهم إلا أنني دائما كنت أفك كنهها بفضل عقلي.....
ظننت أنني أستطيع فهم كل تفاصيل الحياة بحركاتها و سكناتها و أنه لن يستعصي علي شيء مادام معي ..
في حياتي كلها و مع كل تجربة مررت بها لم تتزعزع ثقتي به أبدا......
ترى هل يعجز عن حل لغز هذه الكلمة ( الحب ) ؟؟.............. و بقيت أبحث عن الحقيقة أياما
كنت على قناعة بداية أن الحب كذب و خداع للناس السذج..... و أنها كلمة لا وجود لها إلا في القصص و الحكايات البعيدة عن الواقع........
و كنت قد بقيت على هذه القناعة لولا أن هزني شيء في داخلي جعلني أعود أدراجي لأعيد التفكير....
نعم .... كلمة الحب موجودة .... ليس فقط في القصص....بل في القرآن أيضا ....... هي حقيقة إذا ......... لكن ما هي؟؟
و ازداد السؤال علي إلحاحا.........
قد يكون معناها مجرد الإعجاب ........... لا لا ..... ليست كذلك
إذا هل تعني الطاعة......... كيف الطاعة؟
نعم لا بد أنها تعني الطاعة المطلقة دون سؤال أو اعتراض...... لكن......
بلى ...... هذا ما يحدث للشخص عندما يحب آخر ........... إذا.....
أجل و كذلك حب النفس ........ و .........
و لذلك أمرنا الله أن نحبه وحده ......... و لكن.........
ماذا عن حب المؤمنين لبعضهم ؟؟ لقد أمر الله بذلك أيضا ....... هل يعقل هذا؟؟
ثم هل هذا هو الحب الذي كتب فيه الشعراء القصائد و غناه المغنون؟؟
و هل هو هذا الذي جعل صديقتي تنظر إلي تلك النظرة ........؟؟؟
أحسست أني في متاهة كبيرة و باءت كل محاولاتي بالفشل الذريع ...
حاولت إقناع نفسي أني وصلت إلى الحقيقة حتى أريحها من عناء البحث و الفشل المتكرر...
على الرغم من أن تلك النتيجة لم تستطع أن تروي ظمأي لفهم لغز هذه الكلمة....... و ظلت نظرتها في مخيلتي دائما و كل لحظة .
حتى جاء ذاك اليوم.........
كنت جالسة أشاهد التلفاز و أتنقل بين قنواته....... كان في إحداها شيخ لطالما سمعت الناس تتحدث عنه و عن فهمه العميق للدين.
لم أكن صراحة من متابعي الدكتور البوطي و لكنني قررت أن أستمع لحديثه الذي لم يبق منه سوى دقائق معدودة....
- الصحابة أحبوا الله ......... ( نعم أعلم هذا )
- هم لم يقتنعوا به فقط .. بل أحبوه أيضا............( و لكن كيف ذلك؟ ماذا تعني بأنهم لم يقتنعوا فقط ؟ إن إيماني بالدين كله مبني على أساس القناعة....... ثم .......أليست القناعة مرادفة للحب؟؟).
و ازداد شوقي لسماع حديثه ..... كيف .....كيف أحبوه؟؟
و كأنه كان يسمع سؤالي قال:
- حين ذكروا نعمه.......عرفوه ........ فأحبوه
أصابتني صدمة كبيرة و أحسست بإحباط شديد ......... هل هذا هو الحب الذي أبحث عنه؟؟..........هل يعني هذا أنني لا أعرف نعم الله علي؟.......
و لكنني اعرفها.......
أطفأت التلفاز بانزعاج بعد أن فقدت الأمل في الوصول إلى نتيجة..... في الوصول إلى معنى الحب.

مضت ربما ساعة أو أقل و حان وقت الطعام.
بدأت الأكل كعادتي باسم الله....... ولكنني كنت أفكر في كل لحظة بما قاله البوطي.
لم لا ... سأحاول أن أذكر نعم الله ...............................
في تلك اللحظة فقط............................................. خفق قلبي لأول مرة
لا أدري ما الذي حدث تحديدا ........... لم يسبق لي أن أحسست بهذا الشعور........و كأن شيئا ما اخترق قلبي في وسطه و جعله يخفق بسرعة .......بسرعة
هل هذا هو ..........؟ إنه ............ إنه رائع...
أصبح الطعام مالحا فجأة ......... و لكن حلاوة كانت تنساب في عروقي لم أتذوق مثلها قبل هذا
لم أظن يوما أن الحب سيجعلني .............. أبكي
نعم إنه كما وصفوه تماما ........ بل هو أكثر روعة..........
لقد وجدته ............ وجدته حيث لم أظن أنني سأجده ....... في طبق الطعام.
لم يكن عقلي من أرشدني هذه المرة إلى الحقيقة.........لا ..........
إنه ............ الله .............نعم هو الله .............أنا أحبه ...أحبه ..........أقولها و قد فهمت هذه المرة معناها تماما
أحبه لأنه أنعم علي بالكثير و لكنني أحبه أكثر لأنه أرشدني إلى حبه...
الآن أسمع أغاني الحب و أفهمها......أفهم كل كلمة منها....
لا ليست سخافة و لا ضعفا .......... إنه الحب
أبكي على تلك الأيام التي مرت بحياتي دون أن أعرفه ......... و كل يوم يزداد حبي حبا ....... و أسأل الله أن يرزقنا حبه و حب من يحبه و حب كل عمل يقربنا إلى حبه
كم كنت غبية حينما قررت استخدام عقلي للبحث عنه....

اتمنى أن تصل هذه الكلمات إلى صديقتي بتول لتوصل لها شكري و امتناني ... فلولا نظرتها تلك ما كنت بحثت عن الحقيقة
كم أتمنى أن أراها مجددا لأحدثها عن تجربتي و أخبرها أنني وجدته ....... و هو ليس مستحيلا....إن الله يهدي من يشاء

هذه التجربة لعلها تكون أهم مفترق في حياتي و قد علمتني ألا أقلل من قيمة شيء مهما كان غريبا عني أو "غير منطقي" بالنسبة لي
فالعقل أو المنطق قد يكون في كثير من الأحيان قاصرا ....... بل و قاصرا جدا.....
و لا يرينا من الصورة إلا الأبيض و الأسود و ربما تدرجاتهما........لكنه أبدا لن يمنحنا جمال الألوان و بريقها..
لذلك .......... سأفتح من اليوم عيون قلبي و أنظر ............. علني أرى الدنيا ملونة ....من جديد.

drunken

_منقول_

» هل ذقت يوماً مثل هذا الحب؟...معاً لنتعلم معنى الحب
» سامحتك من قلبي عبارة جميلة
» اين قلبي ؟!!