الورق الالكتروني....

الحبر والورق الالكتروني ....يوم نسينا الكتاب الحقيقي

في قصة من قصص الخيال العلمي لإسحق عظيموف*، تكتب الشخصية في يومياتها في 17 مايو من عام 2157 م عن حدث هام. لقد عثروا على “كتاب حقيقي”. كتاب سمع أحدهم من جده أن جد الجد، ذكر أن القصص كلها كانت مكتوبة على الورق. وقد قلبوا صفحات الكتاب الصفراء ليروا كلمات هامدة لا تتحرك وازدادوا دهشة عندما عادوا يقرأون ليجدوا الكلمات في مكانها كما كانت عند قراءتهم الأولى.

ليس من المتوقع أن نحتاج كل هذه السنين لنصل لهذا الحدث الهام. فمع أن “الكتب الحقيقية” والورق “الحقيقي” مازال يحيطنا، إلا أن الكتب الألكترونية أصبحت متداولة بإمكانيات لم تكن في الحسبان قبل سنوات. الكتاب الذي تبحث فيه وتطبعه في بيتك وتنسخ وتلصق منه أي نص، مزين بالصوت والصورة والبرامج والفيديو و روابط صفحات الانترنت. الكتاب الذي إن لم يعجبنا قراءته ورقياً، قرأناه بصيغ مختلفة متوفرة وحية إلكترونياً.

لكن كل هذا التقدم التقني حدث على شاشات الحاسوب والهواتف والأجهزة الكفية. واليوم نعيش ثورة تقنية جديدة هي ثورة الحبر الالكتروني والورق الالكتروني. وهي ثورة لها تطبيقاتها التي تسترعي الاهتمام. لنتعرف على تقنية الحبر الالكتروني والورق الالكتروني ونتعرض للتطبيقات العلمية والأجهرة المتوفرة اليوم والتوقعات المستقبلية.

الحبر الالكتروني

شاشات الحاسوب، تتكون من خلايا متناهية الصغر وهي ما نطلق عليها اسم بكسل. وتعمل هذه الشاشات بضوء يأتي من الشاشة يبث كنقاط ملونة. وتزداد دقة المعروض على الشاشة بزيادة عدد وصغر حجم هذه البكسلات. وهذه الإضاءة المستمرة في الشاشات تجعل أجهزتنا المحمولة لا تبقى طويلاً بلا وصلة الكهرباء. إن الشاشات تعمل بإعادة عرض الصورة تكراراً بسرعة عالية جداً لا تلاحظها العين فتبدو الصورة ثابتة ونقية. لكن أعيننا تجهد من تعرضها للضوء المستمر .

لكن الورق الالكتروني الذي طور في أول أمره في 1970 مع فكرة الحبر الالكتروني، يعمل بطريقة مختلفة. إنه لا يبث ضوءً في عينيك. إنه مثل الورق “الحقيقي” الذي يحتاج إلى ضوء يسقط عليه لنقرأ ونرى ما وضع عليه.

فبالمقارنة مع شاشات الحاسوب، نحتاج في حالة الحبر والورق الالكتروني إلى ثلاثة مكونات:

1. ملايين الأنابيب المتناهية الصغر
2. الحبر أو المادة الزيتية التي تملأ هذه الأنابيب
3. كرات مشحونة شحنة سالبة تسبح في الانابيب

الورقة الالكترونية

هي شريحة رقيقة من مادة بلاستيكية زرعت فيها هذه الانابيب وأحيطت بشبكة إلكترونية. لنفترض أن الحبر رصاصي اللون. ولنفترض أن هذه الكرات السالبة الشحنة هي كرات سوداء. فإننا نجذبها إلى وجه الصفحة بشحنة موجبة في المناطق التي نريد أن ترسم بالأسود ونطردها بشحنة سالبة – مثل شحنتها – إلى الجهة البعيدة في الانبوب. هكذا تعمل التقنية وهناك عدة أشكال وتقنيات من الحبر والورق الإلكتروني تتشابه في طريقة العمل هذه

تحوي البوصة – الإنش – الواحدة حوالي 100 ألف إنبوب، كل أنبوب يحوي مئات الكرات الصغرى التي تحركها الشحنات الكهربائية.

ويعكف الباحثون وشركات التصنيع اليوم في جو عال من المنافسة على صناعة ورق إلكتروني وحبر متعدد الألوان.

التطبيقات

تتنوع التطبيقات والفوائد العملية للورق والحبر الالكتروني لتشمل قائمة تبشر بعصر جديد يمكن أن يقلب الصفحة لثورة صناعة الورق الصينية التي حدثت قبل ألفي عام ويسرت القراءة والتواصل للجميع بالورق. من التطبيقات انتاج الأجهزة القارئة للكتب والكتب الإلكترونية والجرائد والصحف والشاشات الدعائية وشاشات الهواتف المحمولة وشاشات ساعات اليد وشاشات البطاقات الذكية.

ماذا توفر اليوم؟

ظهر جهاز قارئ سوني كأول جهاز لقراءة الكتب بهذه التقنية ويمكن نقرأ فيه 7500 صفحة قبل أن نحتاج إلى شحنه بالكهرباء ثانية. ويمكن أن يحوي مئات الكتب. ثم تلا ذلك عدة أجهزة منها جهازي شركة أمازون كندل الأول والثاني وتبعتها أجهزة اخرى مثل جهاز نوك الذي ظهر مؤخراً شركة بارنز و نوبل.

وظهر جهاز هاتف محمول لشركة موتورولا يعمل بتقنية الحبر هذه. وتعمل بطاريته لمدة طويلة قبل الاحتياج لإعادة شحنه.

وقامت شركة ايديوبيبر بمشروع طباعة كتب لمدرسة ثانوية كتجربة عملية. وقامت مجلة بتصنيع غلاف الكتروني لها متحرك في عدد من أعدادها باعته في الأسواق ويبقى هذا الغلاف يعمل مدة 90 يوما.

التطلعات المستقبلية

تتوفر الآن الكتب الألكترونية على الانترنت فتشترى ويتوفر عدد كبير مجاناً. ولكن الكتاب الالكتروني أصبح تقدمه شركات هذه الأجهزة بصيغ مختلفة بعضها مفتوح المصدر وبعضها خاص بها لأغراض التسويق والحماية والملكية. وليس هناك أجهزة تعمل بالشكل الذي يتوقعه المستخدمون فتتعامل مع كل هذه الصيغ وبكل اللغات الحية. ثم إن التقنية هذه ما زالت في أول خطواتها. ومن المتوقع أن تظهر الأجهزة التي توفر الحبر الملون في عام 2010. ولكن الإنسان نسي إنه يحاول تقليد الكتاب “الحقيقي” وخرج من هذا الإطار الأولي لتطبيقات أبعد من الكتاب وأصبح يتطلب الصورة والصوة والحركة والروابط الإلكترونية. أصبح التلاميذ والطلاب يتوقعون من هذه الأجهزة أن توفر لهم خاصية التظليل والتلوين وكتابة الملاحظات والهوامش على الكتب التي يقرأون. ويتطلع المستخدم إلى أن تتوفر كل الإمكانيات التي تتوفر على الكتب التي نستعرضها على شاشات الحاسوب. وفوق هذا، لم يعد المستخدم يرضى بجهاز لا يعمل إلا للكتب وحسب. إنه يريد جهازاً يقدم له كل الخدمات التي توفرها الأجهزة الأخرى التي يحمل في جيبه وتحت ساعده بكل ما يطمح من إمكانيات. ولذلك، لم يعد بعيداً أن تمر السنوات وننسى شيئاً كان اسمه كتاب “حقيقي”
:
:. فاضل التركي

هوامش

* قصة كتبها اسحق عظيموف بعنوان The Fun They Had في كتاب Science Fiction Stories جمعها Edward Flishen
::. الموسوعة الحرة مادة الحبر الالكتروني و Electronic Paper
::. موقع كيف تعلم الاشياء مادة Electronic Ink

» هاتف من الورق الالكتروني
» الاطلس الالكتروني
» الاستبيان الالكتروني جاهز....هلموا .......