منصور بن صالح اليوسف
تعتبر اللغة العربية احدى اللغات السامية, كما تعتبر من اهم اللغات الحية في عالمنا اليوم, وقد زادها الله شرفا ورفعة عندما انزل بها القرآن الكريم, كما أكسبها حفظا إلى الأبد حيث قال عز من قائل إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون سورة الحجر الآية 9 ويكفي اللغة العربية أنها لغة الوحي ولغة أهل الجنة, وقد اختلف حول أول من تكلم باللغة العربية فقيل إن آدم هو أول من تكلم بالعربية وقيل نوح وقيل هود عليه السلام.
بعض التحديات التي تواجه اللغة العربية:
اولاً: الفضائيات:
ساهم البث التلفزيوني عبر الاقمار الصناعية في انشاء عدد كبير من القنوات الفضائية, وباستعراض برامج هذه القنوات نجد ان اغلبها يقدم برامج هابطة المستوى والمضمون, والشيء الذي يثير الدهشة والاستغراب ان بعض اسماء هذه القنوات هو اسم اجنبي, كما ان بعض اسماء برامج هذه القنوات هو اسم اجنبي ايضا, ومن المضحك المبكي ان تجد بعض اسماء هذه البرامج نصفه عربي ونصفه الآخر اجنبي, ومع العلم بأن هذه القنوات تبث فقط باللغة العربية وموجهة الى العرب, اما مقدمو ومقدمات تلك البرامج فمعظمهم تنقصه كثير من الشروط المطلوبة للمذيع او المذيعة ماعدا الشكل الخارجي, علما بأن معظم هذه البرامج تقدم بلهجات عامية حسب البلد الذي ترعرع فيه المذيع او المذيعة.
وهنا يمكن ان نسأل لماذا لا توجه بعض هذه الفضائيات الى دول العالم المختلفة باللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية وغيرها لنشر الإسلام والثقافة العربية والدفاع عن القضايا العربية والإسلامية المختلفة حيث ان هناك تشويها متعمدا للعرب والمسلمين من اقبل اعدائهم؟
ثانياً: شبكات المعلومات:
ادى إنشاء المواقع في بعض شبكات المعلومات الىوجود ساحات للرأي والمناقشة في مجالات مختلفة بين المشتركين, وعند إلقاء نظرة الى هذه الآراء والمناقشات نجد ان اغلبها مكتوب بلغة ركيكة تجمع بين الفصحىوالعامية مع اختلاطها بكثير من الكلمات الاجنبية, وفي ذلك دلالة واضحة على ضعف مستوى عموم المشتركين بهذه الشبكة باللغة العربية، كما يدل ايضا على ضعف في مستوياتهم الثقافية, وعند مقارنة هذه الكتابات بما ينشر بالصحف والمجلات نجد ان الفرق شاسع في المحتوى والمضمون, لذا أرى ان لا يقتصر دور المحرر او المشرف على هذه الساحات على اجازة النص فقط بل يفترض ان يقوم بتصحيحه لغوياً حتى يكون خالياً من الأخطاء والعيوب, وأن يراعي الشروط المطلوبة في ادب الحوار حيث يلاحظ بعض الحوارات والآراء والمناقشات التي تفتقر الى المصداقية والموضوعية والعقلانية.
ثالثاً: العمالة الوافدة
تتواجد اعداد كبيرة من الاجانب في بعض الدول العربية وخاصة النفطية منها نتيجة توفر فرص العمل بهذه الدول, ولعل العمالة المنزلية اكثر خطرا على اللغة من غيرها نظرا لاتصالها المباشر بالاسرة, ومن المفارقات في هذا المجال اننا في الدول العربية نعمد الى مجاراة وتقليد العمالة الاجنبية في الحديث عندما يتكلمون باللغة العربية بدلا من ان نكلمهم بطريقة عادية, اما في فرنسا فإنهم في الغالب يتجاهلون المتحدث بالإنجليزية وإن كانوا يجيدونها, كما انهم في الولايات المتحدة يقومون بتصحيح سؤالك وان كانوا يعرفونه مسبقا, وحيث ان العرب متهمون بتضييع الفرص المتاحة فإنهم لا يبذلون جهودا تذكر في تعليم العمالة الاجنبية اللغة العربية والتعاليم الاسلامية.
رابعاً: الاسماء الاجنبية في الانشطة التجارية:
انتشرت في الآونة الأخيرة الاسماء الاجنبية في كثير من النشاطات التجارية حتى تحولت الىظاهرة تلفت الانظار, وتكاد تشمل هذه النشاطات جميع انواع السلع والخدمات, وبالنظر الى الشوارع والاسواق نجد الأسماء العالمية للفنادق والمطاعم والنقل وورش السيارات ومحلات الملابس والادوات المنزلية والادوات والعدد وأدوات البناء والاتصالات والاسواق المركزية وغيرها, وهذه الشركات والمؤسسات ليست في الغالب فروعا للشركات والمؤسسات الام بل هي لمستثمرين محليين يستخدمون العلامات التجارية العالمية ويطبقون الشروط المطلوبة فيها مقابل نسبة معينة من الربح او ان رؤوس الاموال لهذه الانشطة مشتركة بين مستثمرين محليين والشركات الام, وهنا أتساءل لماذا لا تعرب اسماء هذه الانشطة او يكتب معنى الاسم الاجنبي باللغة العربية بدلا من كتابة الاسم الاجنبي نفسه.
خامساً: المصطلحات العلمية:
نظرا للتطور الهائل في مجال التقنية التكنولوجيا بدأت الاختراعات العلمية والفنية تزداد يوما بعد يوم في جميع مناحي الحياة, وتبعا لذلك اصبحنا نتقبل كثيرا من المصطلحات العلمية العربية لتعريب هذه المصطلحات ومع وجود عدد من المجمعات اللغوية في عدد من العواصم العربية إلا انها تحتاج الى تفعيل ادوارها لمواجهة السيل الجارف من هذه المصطلحات واعطائها معنى مناسبا, كما ان الحاجة اصبحت ماسة الى انشاء المزيد منها في عواصم عربية اخرى.
سادسا: الوصف والتعليق الرياضي:
بدأت الدول العربية في تطوير الكرة منذ الستينيات والسبعينيات, ولقد ساهمت الفضائيات في التسعينيات بنشر اللعبة علىنطاق واسع وتفرد الاجهزة الاعلامية العربية المختلفة مساحات كبيرة لنقل المباريات المحلية والعربية والعالمية, والمشكلة في ذلك ان المعلقين الرياضيين يصفون ويعلقون على المباريات باللهجات العالمية حسب بلد الواصف والمعلق ويستخدمون بعض الكلمات الاجنبية كما ان اغلبهم يقعون في اخطاء لغوية فادحة تدل على ضعف معظمهم باللغة العربية الفصحى, وإذ نظرنا الى الوقت الكبير الذي تستغرقه المباراة الواحدة والذي يصل في المتوسط الى ساعتين او اكثر فاننا ندرك تأثير ذلك على ثقافة المتلقي خاصة وان معظم المتلقين من فئات الشباب,,وبالتالي فانني ارى ضرورة استخدام اللغة العربية الفصحى عند نقل المباريات وإن تطلب ذلك تطبيق شروط معينة في المعلق وإعطائه دورات تدريبية في مجال اللغة العربية.
سابعاً الشعر العامي:
لا شك ان الشعر العامي يحظى باهتمام وقبول كثير من الناس، والى جانب مايحويه من عاطفة ومشاعر وأحاسيس فإنه يعد رافدا من روافد ذاكرة الامة, ولكننا نجد في الآونة الاخيرة انه اعطي مساحة كبيرة قد لا تنقصها المبالغة في وسائل الإعلام المختلفة من إذاعة وصحافة وتلفاز, حيث ان اغلب الصحف تفرد صفحات للشعر العامي، وبعض الاذاعات تفرد برامج خاصة للشعر العامي ايضا، اما الفضائيات فهي لا تتردد في استضافة العديد من هؤلاء الشعراء, وإذا مانظرنا الى الامسيات المخصصة للشعر العامي والدواوين التي تصدر حاملة العامية فحدث ولا حرج, وبالمقابل فإن وسائل الإعلام المذكورة لا تخصص للشعر العربي الفصيح مساحة تذكر كما تخصصه للشعر العامي على افتراض مقارنة الشعر العربي الفصيح بالشعر العامي, لذا اقترح على الشعراء الذين يكتبون قصائدهم بالعامية ان يكتبوها بالفصحى او بعضها على الاقل، والاقتراح موصول ايضا الى وسائل الاعلام المختلفة باعطاء اللغة العربية وآدابها مساحة اكبر, وأخيراً بقي ان اقول انني لست ضد الشعر العامي ولكن ضد طغيانه على اللغة العربية الفصحى وآدابها في وسائل الاعلام المذكورة.
هذه بعض التحديات التي تواجه لغتنا العربية الخالدة في عصرنا الحاضر، ولا شك ان هناك تحديات اخرى قد لا تقل اهمية عنها, ولا بد من تكاتف الجهود في سبيل تقليل تأثير سلبيات هذه التحديات على اللغة العربية, ومن الملاحظ ان الجهود المبذولة للحفاظ على سلامة اللغة العربية في الوقت الحاضر لا تكاد تذكر بالرغم من وجود الوسائل والآليات لدعم صمود اللغة العربية امام هجمة العامية واللغات الاجنبية, فإذا كانت اللغة العربية من اهم الروابط التي تجمع العرب فأين دور الجامعة العربية؟ وإذا كان المختصون هم أولى فئات المجمتمع في الذود عن اللغة العربية فأين جهود اقسام اللغة العربية في الجامعات العربية؟ وإذا كانت وسائل الاعلام العربية المختلفة تستخدم اللغة العربية وسيلة لنقل رسائلها الىالناس فلماذا لا تتحمل مسؤوليتها في نشر هذه الوسيلة بطريقة صحيحة؟ وإذا كانت اللغة العربية هي لغة القرآن فأين دور العلماء وطلاب العلم في حث المسلمين على تعلم هذه اللغة؟
إن اللغة العربية هي ارقى اللغات وأشرفها وأكملها بدليل ان الله سبحانه وتعالى انزل بها القرآن الكريم وهو اعظم كتبه وجعلها لغة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو صفوة خلقه وجعلها لغة اهل اليمين وهم اهل جنته, لذا يجب علينا ان نفاخر بهذه اللغة وأن نحافظ عليها وأن نستخدمها بطريقة صحيحة.
والحمد لله رب العالمين, وصلى الله علىنبينا محمد عليه افضل الصلاة وأتم التسليم
عذراً على الإطالة ......جزاكم الله خيراً