أن المتتبع اليوم لما آلت إليه الأمة الإسلامية من ماضٍ مجيد إلى حاضر محزنٍ وأليم ليجعلنا ندفن رؤوسنا في التراب من الخجل ,فما الذي جعل هذه الأمة بهذا الحال؟
وهل صحيح أن الاستعمار هو السبب في تردي الامة الاسلامية بسرقة خيراته ومصادرة علومه من خلال الكشوف الجغرافية؟ .
ل
و فرضنا جدلاً أن هذا صحيح فلماذا تقدمت بعض الدول التي أستعمرت بل تقدمت دول ظن البعض أنها اُلغيت من خارطة العالم مثل اليابان . فمن وجهة نظري أن صب الإتهام للمستعمر نظريه خاطئة .
ومنهم من يرى سبب تردي الامة هو الانقسامات المذهبية والطائفية , فلو كان هذا صحيحاً فنقول أن الانقسام في الامة حدث بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه سواءً في الدوله الاموية وكذلك العباسية وما تضمنته هذه الدولتان من أنواع الطوائف والفِرق.
ومع هذا كله فقد وصلت الدولتين إلى أرقى العلوم النظرية والتطبيقية مثل الفلك والرياضيات والطب والكيمياء والهندسة وعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والترجمة وغيرها من العلوم .
حتى أصبح أمراء أوروبا النبلاء يرسلون أبنائهم إلى قرطبة في الأندلس يتعلمون جميع العلوم العربيه بما فيها تعلم القران الكريم . ولقد برز من علمائنا في الماضي المجيد في المشرق الخوارزمي الذي برز في علم الفلك والرياضيات والهندسة ومن ابرز مولفاته (الحساب في الهندسة ) حيث كان العالم في ذلك العصر لايكتفي بعلم واحد بل كان متعدد المواهب وكذلك بزر من علماء المشرق في العهد الاموي جابر ابن حيان الذي برز في علم الكيماء ومن اشهر مؤلفاته كتاب (السموم).
ومن العلماء المسلمين الذين برعوا في الطب والتحليل النفسي إبن سينا ومن أشهر كتبه في الطب (كتاب القانون ),ويعد أول من أكتشف التحليل النفسي وفي ذلك قصة طريفة .
(يقال أن إبن الأمير نوح في نيسابور مرض مرضاً عضال عجز الاطباء عن معرفتة حتى وصل أبوه إلى حد اليأس من شفائه وعندما أُخبرالامير بأن هنالك طبيب بارع وكان ابن سينا في ذلك الوقت لم يتجاوز عمره الثامنة عشر, فطلب إستدعائه فعندما حضر ابن سينا وكشف عليه كشفاً أوالياً وجد أن كل المعطيات العضوية تدل على أنه سليم .
هنا علم إبن سينا ان المرض الذي يشتكي منه الامير هو مرض نفسي فطلب إحضار عمدة القصر (يقصد بعمدة القصر المرأة أو الرجل الذي يعرف سكان المدينة ) وأخذ يتحسس يد الامير وطلب من عمدة القصر أن يعدد الاحياء التي في نيسابور فقال حي فلان وحي فلان وحي فلان حتي وصل إلى حي معين لاحظ إبن سينا أن وريد الامير المريض أزداد سرعة في النبض عند حيٍ معين . فطلب إبن سينا من عمدة القصر أن يعدد بيوت هذا الحي فقال بيت فلان وبيت فلان حتي وصل إلى بيت معين لاحظ أزدياد النبض عند بيت معين , قال عدد افراد بيف فلان قال عمدة القصر فلان وفلان وفلانه لاحظ أبن سينا انه عند ذكر إسم الفتاة أزداد نبضة فعرف إبن سينا (ان مرضه مرض العشق والهوى ) فطلب من والده أن يزوجه الفتاة فزوجه إياها فشفي من مرضة وبهذا يكون إبن سينا قد حل المشكلة التي أعجزت الاطباء قبله )
و يقابل علماء المشرق علماء المغرب خاصة علماء الاندلس حيث برز في علم الفلسفة العالم الفقية ( إبن رشد) وعباس بن فرناس الذي يعد أول من إخترع فكرة الطيران في عهد عبدالرحمن بن الحكم الاوسط. ومع أنه سقط من أعالي قرطبة لأنه نسي مسأله ذيل الطائر إلا أنه هو مكتشف فكرة الطيران قبل( الاخوين) .وعمل قبةً داخل منزله رسم في أعلاها صور النجوم والبرق والرعد وأدخل فيها مؤثرات صوتية توحي بهذه الظواهر الطبيعية. فأدهش العامه وأعتبروه ضروب من السحر بل وصل الأمر إلى أنهم شكوه للقاضي في قرطبه .
إذاً مسالة تردي الامة من ماضيها الجميل ليس بسبب إنقسامها إلى طوائف وفرق والدليل في ذلك أن هؤلاء العلماء عاشوا في فترة الانقسامات بل أنهم كانوا من طوائف متفرقة .
وهناك كثير من الأسباب التي يظن البعض أنها سبب في تخلف الامه الاسلامية وترديها في الحضيض الاسفلٍ.ولكنِ أرى من وجهة نظري أن الاسباب التي جعلتنا في مؤخرة الركب هي أن العلماء في تلك الفترة فهموا وطبقوا كلمة (أقرأ) وعملوا بها , واخلصوا لها وأيقنوا وعملوا بقوله صلى الله عليه وسلم ( ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة)
ومن أجل هذا كانت أمتنا مجيدة, كنا مكان الدول المتقدمة وكانوا مكاننا في حاضرنا الأليم .
فمن أسباب ضعف الامة و تكالب الاعداء علينا تركنا للقران وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم فأصبحنا من متبوعين إلى تابعين!!!!كما قال إبن خلدون في (المقدمة)إن المغلوب يتبع الغالب) .