المتقنون هم المبدعون

المتقن : هو من أجاد عمله و أتمّ أركانه و بذل كل طاقاته في سبيل انجاح عمله .
و المبدع هو الذي بذل قصارى جهده حتى توصل إلى إنتاج شيء جديد و إعطاء ما لم يعطه أحدٌ من أقرانه.

فاتقان العمل هي المرحلة الموصلة للإبداع ، و لا يمكن الوصول للإبداع دون المرور بمرحلة اتقان العمل .. إلا أن الاتقان يستمر لما بعد الإنجاز ، فلا بد من المحافظة على جودة المنتج الجديد حتى لا يفقد بدعته و جماليته .
و الإبداع ثمرة عصارة الفكر و إعمال العقل و الاستغراق في الفكرة بكل اركانها و مجالاتها ، و بذل جميع الطاقات.
و الاتقان هو أحد المراحل التي يمر بها الإنسان وصولاً للإبداع.فلا بد من التحضير و التحري و اتخاذ كافة الأسباب و المعارف حتى يصل الإنسان إلى مرحلة الاحتضان للفكرة أي الاستغراق فيها، فالتنوير الذي به تولد الفكرة فجأة و يظهر الإبداع الجديد.
و قد عبر الله جل و علا عن الاتقان بأنه أحد صفات الإحسان ، ففي الحديث الشريف : " إن الله كتب الإحسان علىكل شيء " .
و الإحسان بمفهومه الأصيل أن تعبد الله كأنك تراه ، أي أن تقوم بعملك و أنت على يقين و شعور بمراقبة الله لك.
فكيف يقوم إنسان بعملٍ و رئيس العمل فوق رأسه يراقبه في كل صغيرة و كبيرة ! هل ينسَ شيئاً ؟ أو يتقاعس عن اتقان عمله ؟؟ بالطبع لا .. و كلما كان هذا الرئيس لديه من التفويضات و القوة و السلطة ما يؤثر على مستقبله كلما ازدادت رغبة ذلك الإنسان باظهار أفضل ما لديه خلال عمله .
و هل هناك أعظم قوة و أكبر قدرة مؤثرة على حياة الإنسان و مصيره من الله جل جلاله ؟؟..
من أجل ذلك فإن من يعمل و هو معتقد بنظر الله إلى عمله فإنه يقدم أفضل ما لديه و يبذل قصارى جهده .. و هذا هو الاتقان ، بل هو الموصل للإبداع .
فالمحسنون هم من تزودوا بالمهارات اللازمة و اتخذوا كافة الأسباب ، و جعلوا ملك الملوك رقيباً ، فكانت ثمراتهم متقنة ، حلو طعمها ، سائغٌ شرابها، تعجب القاصي و الداني ، و تبهر العقول ببدعتها الجديدة و جودتها العظيمة.