مع قلبي ...
كل ليلة .. و قبل أن أنام .. أتسامر و قلبي على أنغام الذكريات .
أشكو له همومي .. و أبث له شجوني .
يؤنسني في وحدتي .. و يخفف عني كربتي .
يسمعني و أسمعه .. ينصحني و أتبعه .
و هكذا نمضي الليالي الطوال .
و في أحد الليالي المقمرة .. كان الحزن قد غلبني .. و الهموم قد أثقلتني .. حتى ظننت أنها النهاية !!!
فطرحت همي إليه ..
أخبرته أن الحياة باتت قاسية .. أقسى من ما قد تتخيله .
باتت كغابة موحشة كبيرة .. يفترس القوي فيها الضعيف دون رحمة أو شفقة .
يقتل الأخ فيها أخاه دون اكتراث بماضيهما الجميل .
يطعن الصاحب فيها صاحبه و يمتص دمه قطرة قطرة .. رامياً كل الوعود و العهود
وراء ظهره .
آه يا قلبي كم تعبت و أنا أسعى في هذه الحياة بحثاً عنها .
كم أرهقتني الأيام و أنا أمضي فيها غريبة طريدة شريدة .. لا أدري كيف السبيل
و أين المهرب ؟!!
و أنى الهروب من واقع مؤسف يرافقني كظلي فلا يزيدني إلا هماً و حزناً .
أرشدني أيا قلبي إلى الصواب .. و اهدني إلى الخير .. فلم يبق لي سواك في
هذه الحياة المظلمة بعد أن هجرني الأحباب .. و خانني الأصحاب .
فصمت قليلاً ثم قال : ليس لك إلاه .. هو جار المستضعفين .. و ملجأ الخائفين .
هو الرحيم الودود الكريم .. بيده الأمر كله .
يسمعك إذا ناجيته .. و يقبلك إذا تضرعت إليه .. و لا يرد دعوة داع .
بيده وحده يفرج كربك .. و يزال همك .. و ينجلي غمك .
هو الله لا إله إلا هو .
عودي إليه .. ناجيه في جوف الليل .. صوبي وجهك تجاه قبلته .. ارفعي
يديك نحو سمائه .. و اسأليه راحة تسكن روحك .. و طمأنينة تغشى
نفسك .. و سعادة تملأ قلبك .. لا تزول بزوال الدنيا و ما فيها .
كان كلامه كالبلسم لجراحي .. فعقدت العزم أن أعمل بنصيحته .. و آخذ برأيه .
و بعد ذلك ..غلبنا النعاس .. و غشينا النوم .. فنمنا حالمين بحال أفضل بإذنه تعالى .