أنا و نجمتي

طال الليل علي و جفاني النوم .. فخرجت أتأمل السماء و أعد النجوم!!
و فجأة .. سقطت نجمة من السماء .. و تحولت فتاة حسناء .. و أخذت تحدثني .. فقالت :
غريب حالكم أنتم البشر .. و يعجز عن تفسيره مخلوق!!
تحبون بعضكم و أنت على يقين بأن حبيبكم ليس لكم .. و لن يكون يوماً كذلك.
تحبونه حباً جماً .. و تتعلقون به .. و ذكره دائم في قلوبكم .. مع أنكم على ثقة بأن
لحظة الفراق أقرب من قلبكم إليكم .
و لكنكم على الرغم من ذلك .. تتجاهلون الواقع و تتناسونه مكملين قصة حبكم الجريح .
و حين يجيء الفراق راكباً خيل الأسى لابساً ثوب الحزن .. تبكون حبيبكم الراحل .. و تكتبون فيه
القصائد .. و تقفون على أطلاله باكين .. و كأن ذهابه فاجأكم و جاء على حين غرة!!
و بعد أن تغرقوا في بحور دموعكم .. تجففون تلك الدموع .. و تنتشلون أنفسكم من الحزن ..
و تعيشون قصة حب أخرى غير معتبرين بما مضى و كأن شيئاً لم يكن!!
و هكذا تمضون حياتكم .. حب يتلوه حب .. و فراق يتلوه آخر!!
فأجبتها و بكل ثقة :
نحن البشر .. نحب بعضنا لأن فينا قلوب تنبض .. قلوب لا تستطيع العيش بلا حب .. فهو زادنا
.. و دواؤنا .. و هواؤنا.
بدونه لا طعم للحياة .. لا لون لها .. و لا روح فيها .
و بدونه تنقلب القلوب أحجاراً صماء.
أما الفراق .. فهو سنة الكون .. و أمر لا مفر منه .. و قضاء من الله و قدر .
فلماذا يتوجب علينا ترقب حلوله و انتظار مجيئه؟!!
لماذا لا نعيش يومنا بفرح و تفاؤل مستغلين كل لحظة بقرب من نحب دون أن نفكر بما قد يحدث غداً؟!!
و بالطبع .. حين يحين الفراق .. نبكي بعد من نحب بحرقة و لوعة .. لأنهم كانوا سر سعادتنا
.. و بهجة تملأ علينا حياتنا .
إلا أن حزننا مهما طال لا يدوم .. لأن الحزن لن يغير شيئاً .. و الجزع لن يعيد من رحلوا .
لذلك .. ننفض الهم عنا .. و نرمي الأسى بعيداً .. و نبدأ البحث من جديد عن حبيب آخر
يشاركنا حياتنا و يغمر أيامنا بهجة و بسمة .
أما من رحلوا .. فسيبقى ذكرهم حياً في قلوبنا .. و صورتهم محفورة في أذهاننا
.. و حبهم ذكرى جميلة نترنم بها كل مساء .
و حين أنهيت كلامي .. كان الصبح قد فرد جناحيه و أقبل .. فودعتني نجمتي و عادت مسرعة
إلى حضن السماء .. بعد أن قالت لي :
طابت حياة يملؤها حب تنبض به قلوبكم .. فهنيئاً لكم ذلك القلب و ذلك الحب .