ضجيج القلوب

كم يضج قلب المرء حينما يستغرق في دنياه غافلاً عن مصادر الحياة المعنوية،
فيظهر ضجيجه على صورة يأس، أو قلق، أو اكتئاب،
فيذهب معظم وقته مابين استطباب وطرق للأبواب
ولا مجيب!


ولو وقف المرء وتأمل، لوجدأن بين يديه الماء الزلال،
والأنس والظلال،
ولقد رأيت في نفسي، ولاحظت في من حولي
تسلل القسوة إلى القلب واضطراب النفس
وإهمال وقت وفوضى في الحياة كلما سارت النفوس بلا هدف ورؤية،
وهذا "الفيروس" لا يأتي دفعة واحدة، بل يبدأ رويدا رويداً،
إذ يداهن القلب ثم يضعف فيقسو، ثم يطبع بالران بختم أسود!


وقد تكرر هذا المعنى كثيرا في القرآن والسنة، قال تعالى:
"فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"

وذكر الله عمن يفتن ويضج قلبه ألماً:
"ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم"

فإذا ألف ذلك أدى به لران القلب، وهذا ما وصف به الله تعالى من أعرض عن نوره وكفر بآياته: "كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون".


غير أننا نجاهد النفس فنغلبها حيناً وتغلبنا أحيانا أخرى،
وألذ هذه المغالبات التي تنفك فيها من ضجيج القلب وألمه
إذا تطهرت بالماء ويممت لزاوية بالبيت أو ناحية بالمسجد
نرتل آيه القرآن الكريم،
فإذا بالهموم تنزاح وجبال الأحزان تزول،
فإذا توجتُ ذلك بركعتين أقف فيها وأقعد، وأركع وأسجد،،
فكأن قلبي في كوثر رقراق يغسل أدرانه
ركعتين لمن؟!
لمالك القلوب وعلام الغيوب!
إنهانفحات ربانية أخال النفس فيها كطائر أبيض فوق "قطن"
ذرا السحاب.. يعلو ويعلو!


إن الواحد منا لديه معلومات كثيرة وتنظيرات وفيرة،
وتصدر ومنطق، وكل هذا حسن،
لكن الأحسن عمل يشهد لذاك القول وممارسة تطبيقية له في الواقع،
وقلة هذا هو السبب الأكبر لجفاف العيون، وتحجر القلوب،
وبخل النفوس،
أما من قرأ وتعلم وطبق وعمل، وجاهد رغباته وأهوائه فسيحس بالأثر داخل أعماقه
ويغشاه خشوع لله نزاهة في الجوارح ، ورقة في القلب، ودمع في العين، والنفس كالأرض سواء بسواء!
قال تعالى:
"وترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج"

وهذا هو أسلم طريق، وألذ خدمة، وأطعم مورد، وأحلى مذاق،
وأجمل نهاية،
فلنضع أنفسنا في كوثر ربنا وجنة رضاه وبستان معرفته ..
حينها سنشعر بالفرق بين قلب الأمس واليوم .

جزاكِ الله خيراً

كلماتٌ رائعة عبرت عن مكنوناتي!
شكراً لكِ نورا

تعجز كلماتي عن وصف شعوري... لكأنك كنت في قلبي عرفتي أني بحاجة هذه الكلمات.... حقا جزيت خيرا....