لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا

لان طبيعة النفس البشرية في تركيبها معقدة بحيث لا يمكننا من تشفير بعض رموزها
حتى لو بدت لنا واضحة في احيان كثيرة
و ليس كل ما يبدو لنا من الاخرين كافي لفهم ما يفكرون
احيانا كثيرة تدفع الطبيعة البشرية حسب الظروف التي تمر بها لان تبدي للاخرين عكس ما يفكر
و هي من الحيل التي تلجأ اليها النفس
من اجل تفادي الوقوع في دائرة الضوء و التشريح ...فربما يكون التشريح و الفهم خاطئ
و هذا قد يسيء اكثر مما يحسن ..و يضر اكثر مما ينفع
نصيحتي لكل من اراد التعامل مع الاخرين قصد الفهم و التقرب
ان يضع في الحسبان خصوصية كل نفس ...
و الوصول الى اغوارها ليس هدفا بقدر ما هو وسيلة لتحقيق التآلف و التعايش
اجتماعيا نصادف الكثير من التصادم و سوء الفهم نتيجة لنظرة خاطئة نكونها عن الاخرين
من جراء تصرف ظاهري لا نفهم حتى دوافعه.
قد يحدث هذا حتى بين الاخوين يعيشان تحت سقف واحد او بين صديقين حميمين
او بين زوجين متحابين ...فما بالك بين عامة الناس
ليس مهم ان نحكم على الاخرين بما نضنه نحن بقدر ما هو مهم ان نفهم انفسنا اولا
و نتصالح معها و نكاشفها و نحاسبها بالقدر الذي يظهر لنا العيوب و يصحح لنا الاخطاء
و رحم الله إمرء عرف قدر نفسه و حفظ لجام لسانه و فك قيود ضنونه بيقين حسن الضن
فلا احد معصوم من خطا فلا نحمل الاخرين بوزر اخطاء و نطبعها عليهم ...
و التسرع في الصاق الباطل من التهم ....
فوالله ليجرن صاحبه الى الندم و حيث لا ينفع الندم حتى بعد الاعتذار
و حري بنا ان نطرح على انفسنا هذه التساؤلات و نجيب عنها
كيف نتعامل ونتواصل مع الآخرين ؟
وكيف نسيطر على انفعالاتنا في وقتها ؟
وكيف نريح ضميرنا و نرضي ربنا تعالى قبل ان نأوي الى فراشنا ؟
حظرتني هنا قصة ذلك الرجل الذي كان في رحلة داخل قطار رفقة ابنائه الصغار
ملؤوا الجو لعبا و مرحا و ضجيجا الى درجة ازعج احد ركاب القطار ...
ماكان الا ان توجه الى ذلك الاب الغارق في صمت و تفكير و الامبالي بذاك الصخب المزعج
: في غيض و بلهجة قاسية
يا رجل ألا تحس ألا تخجل …اسكت علينا ضجيج اطفالك ... الخ
لكن كانت ردة فعل الاب مليئة بالحزن و مربكة قال له في سكون و هدوء :
لا تلمني يا سيدي لقد ماتت أمهم البارحة وأنا أفكر كيف سأخبرهم وكيف سأواجههم بالخبر
وكلما رأيتهم يلعبون ويضحكون ازددت حيرة من أمري كيف هو الخلاص ؟
فما كان من الرجل إلا وقد سالت دموعه تاثرا وانحنى راسه خجلا لتصرفه وتسرعه
.فاعتذر في حينها من الأب وتوجه يداعب اطفاله

من اجل هذا يا اخوتي الكرام مشروع للمؤمن أن يحترم أخاه إذا اعتذر إليه
ويقبل عذره إذا أمكن ذلك ويحسن به الظن
حيث أمكن ذلك، حرصا على سلامة القلوب من البغضاء ورغبة في جمع الكلمة، والتعاون على الخير
وقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال :
(لا تظن بكلمة صدرت من أخيك شرا وأنت تجد لها في الخير محملا)


منقول

شكر لك