كل عام وانتم بألف خير

عدد المساهمات : 445 تاريخ التسجيل : 22/02/2010

ها نحن اليوم نستقبل عاما هجريا جديدا…ونودع عاما…ومن عادة التجار أن يقوموا في نهاية العام بجرد حساباتهم.

وفي نهاية هذا العام…ونحن نتاجر مع الكريم أدعوا نفسي وإياكم إلى وقفة محاسبة

فإن وجدنا في أعمالنا خيرا، حمدنا الله تعالى وطلبنا منه المزيد من التوفيق إلى فعل الخير. وإن وجدنا غير ذلك تبنا إلى الله، وندمنا على ما فعلنا، وعاهدناه على أن يكون عامنا الذي نستقبله
خيرا من عامنا الذي نودعه.

فالعمر ليس ألعوبة بين يديك بل هو فرصة، لأن تتقرب فيه إلى الله عز وجل وتتزود لآخرتك، قال الحسن البصري
ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ابنَ آدم: أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود منى فإني لا أعود إلى يوم القيامة...

وهاهي دورة من أدوار الفلك انصرمت، وعام من أعوام حياتنا انقضى ومضى، وهكذا الدنيا.. ما هذه الدنيا إلا أحلام نائم وخيال زائل

فالعاقل من اتخذها مزرعة للآخرة، وجعلها قنطرة عبور للحياة الباقية. فها هو ذا سيدنا علي بن أبي طالب
رضي الله عنه كان يستقبل محرابه قابضاً على لحيته وقد أرخى الليل ستوره، وغارت نجومه،
يتململ تململ العليل، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا إليَّ تعرضتِ، أم إليَّ تشوفتِ؟
قد باينتكِ -طلقتك - ثلاثا لا رجعة لي فيكِ، فعمركِ قصير، وشأنكِ حقير، وخطركِ كبير،آهٍ
من قلة الزاد، وبعد السفر، ومشقة الطريق.

فقد طوي عام هجري كامل ورحل بما فيه من أعمال وسكنات فهاهو قد حزم حقائب الايام الماضية ووضع فيها الأعمال
فلا تُفتح هذه الحقائب والصناديق إلا يوم العرض والحساب يحمل صحائف أعمالنا، واليوم تختم أيامه وشهوره، فلا تفتح إلى يوم القيامة

يا ترى هل حاسبناأنفسنا، وندمنا على ما مضى وتبنا إلى الله؟؟

هل عاهدنا الله أن نكون في العام المقبل خيرا من العام المدبر؟؟؟

طائفة من الحكم والدرر أضعها بين أيديكم عساها تنفعني وتنفعكم:

كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يقولون: من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه شراً
من أمسه فهو ملعون، ومن لم يتفقد الزيادة في عمله فهو فينقصان، ومن كان في نقصان فالموت
خير له .

قال الفضيل لرجل: كم أتى عليك؟ قال: ستون سنة. قال له: أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تصل

وقال أبو الدرداء: إنما أنت أيام، كلما مضى منك يوم مضى بعضك.

من عرف حق الوقت، فقد أدرك قيمة الحياة، فالوقت هو الحياة، وحينما ينقضي عام من حياتنا،ويدخل عام جديد، فإنه لا بد من وقفة محاسبة طويلة. نحاسب أنفسنا على الماضي وعلى المستقبل من قبل أن تأتي ساعة الحساب

لا بد من وقفة محاسبة: نندم فيها على ما ارتكبنا من أخطاء.

لا بد من وقفة محاسبة: نستقبل فيها العثرات.

لا بد من وقفة محاسبة: ننهض فيها ونستدرك ما فات.

قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير
بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من اتبع نفسه هواها وتمنى
على الله الأماني)).

ويقول سيدنا عمر رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنه أهون
عليكم في الحساب غدًا أن تحاسبوا أنفسكم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى
منكم خافية".

وكتب سيدنا عمر رضي الله عنه إلى بعض عماله في الأمصار: "حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة،
فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل الشدة، عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته،
وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة".

وقال ميمون بن مهران: "لا يكون العبد تقيًّا، حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه،
ولهذا قيل: النفس كالشريك الخوان، إن لم تحاسبه ذهب بمالك".

وكان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول: "المؤمن قوّام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خف الحساب
يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا،وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة".

واليوم أمامنا فرصة ذهبية لكي لا نكون ممن قال Sad

رب ارجعون أعمل صالحاً فيما تركت ).....(ربنا أخرنا
إلى أجل قريب نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل).... أمامنا فرصة لكي لا نكون ممن قال (ياليتها كانت القاضية )...

أمامنا عام جديد على عملنا شهيد فلنجعله يشهد لنا بتوبة نصوحة تمحي ما في كتابنا من ذنوب ولنجعله يشهد لنا بحسنات تمحي ما في كتابنا من سيئات ولنجعله يشهد لنا بحمد الله وشكره على فضله وكرمه بأن منَّ علينا بعام جديد نعمره بتقوى الله
وذكره ونعمره بإصلاح النفس والقلوب ونعمره بالتطهر مما بنا من عيوب ونعمره بالصلاة في أوقاتها وبالحرص على أن لا نكون عنها ساهون ونعمره بصيام القلب والجوارح عن كل حرام ونعمره بمساعدة إخواننا في كل مكان والدعاء بالرحمة للشهداء والنصر على الأعداء ونعمره بالإخلاص في أعمالنا وتقوى الله في أهلنا وإخواننا

فتعالوا أيها المتميزون ...تعالوا أيها العمّارون
لنعمر عامنا الجديد ذكر الله ونعمر أعمارنا بتقوى الله حتى يتحقق فينا وعد الله ويحيينا
حياة طيبة في الدنيا والآخرة.

تمر ساعات أيامي بلا ندم ولا بكاء ولا خوف ولا حزن

ماأحلم الله عني حيث أمهلني وقد تماديت في ذنبي ويسترني

أنا الذي اغلق الابواب مجتهداً على المعاصي وعين الله تنظرني

دعني أنوح على نفسي واندبها واقطع الدهر بالتسبيح والحزن

دعني مسح دموعاً لاانقطاع لها فهل عسى عبرة مني تخلصني

شكرا لك نورا و جزيت خيرا

و كل عام و أنت بخير

أحببت أن أضيف هذه الأبيات

و أخرجوني من الدنيا فواأسفاه على رحيل بلا زاد يأملني

في ظلمة القبر لا أم هناك و لا أب شفيق و لا أخ يؤنسني

مالي سواك إلهي من يخلصني

فامنن علي بعفو منك يا أملي فإنني موثق بالذنب مرتهن

فلا تغرنك الدنيا وزينتها وانظر إلى فعلها في الأهل و الوطن

وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الحنط و الكفن

خذ القناعة من دنياك و ارض بها لولم يكن لك منها إلا راحة البدن

يا زارع الخير تحصد بعده ثمر يا زارع الشر موقوف على الوهن

يا نفس كفي عن العصيان و اكتسبي فعلا جميلا لعل الله يرحمني

يا نفس ويحك توبي و اعملي حسنا عسى تجازين بعد الموت بالحسن

» كل عام وانتنَّ بألف خير "قصيدة للإمام أبي حنيفة النعمان"