كيف تتغلب على أزمة البدانة؟

مأخوذ من مجلة العلوم:
الترجمة العربية لمجلة ساينتفك أمريكان
عدد أيار وحزيران 2011

مع أن العلم قد كشف عن الكثير من العمليات
الاستقلابية التي تؤثر في وزننا إلا أن مفاتيح النجاح في هذا المضمار قد تكمن في
مكان آخر.

لماذا يشكل وجود بضعة كيلوغرامات إضافية
صعوبة في التخلص منها؟ فهذا لا يبدو صعب لأن الصيغة الأساسية لخفض الوزن بسيطة
ومعروفة تماماً ولكنه صعب في هذا العالم المعاصر الذي ينصب فيه الإعلام على تسويق
الكثير من المواد الغذائية المتندية النوعية، وفوق ذلك دلت إحصائية أن ثلثي عدد
المتبعين للحمية توقفوا بعد سنتين ولهم وزن أعلى من وزنهم عندما بدؤوا الحمية!!!!

إن يأس أصحاب الأوزان الزائدة ينعكس في السيل
المستمر من النصائح الذي ينهال يومياً، من مصادر متباينة كمقالات المجلات العلمية
المحكمة والكتب والصحف والمدونات .فنحن الجمهور يطيب لنا تصديق ما يبدو حلولاً
متقنة سريعة...لا تفيدنا النتائج العلمية التي تعتمد عليها هذه العناوين الرئيسية
في الصحف.

ومن الواضح أنه عند الأخذ في الاعتبار
الأبحاث المجتمعة فإن التخلص من البدانة لن يكون في نهاية الأمر بتناول هذا النوع
من الغذاء وعدم تناول آخر أو اتباع أي طريقة بسيطة أخرى وسبب ذلك هو وجود عوامل
كثيرة تسهم في هذه المشكلة ..

فهي جزئياً بيئية مثل عادات الأكل في
المجتمع، وأنواع الأغذية الأكثر توفراً في المنزل وفي المخازن المحلية والفرص
المتاحة للتحرك أثناء العمل اليومي

وجزء منها بيولوجي مثل الاستعداد الجيني
لتخزين الدهون وامتلاك عتبة شبع عالية وحتى امتلاك براعم تذوق حساسة

وجزء آخر اقتصادي مثل الأغذية التافهة التي
أصبحت أرخص بكثير من الأغذية الطازجة

وجزء عائد إلى التسويق فشركات الغذاء التي
غدت سيدة الالتفاف على الطبيعة البشرية الاجتماعية وعلى "برمجتنا"
التطورية تقودنا في اتجاه شراء أغذية غير صحية ولكنها مربحة لها

طيب وما الحل؟

عند اتباعنا حميات نعتمد على الرغبة القوية
بالتغلب على القوة الدافعة إلى تناول مزيد من الطعام بالنسبة إلى مستوى نشاطنا

ونعتمد على مكافأة كوننا أكثر أناقة

وقد نكون أكثر التزاماً بنظام غذائي إذا بقي
أقل قساوة وأقرب إلى أن يعول عليه للحصول على مكافأة، فهل ثمة طريقة واقعية؟

أنجح الحلول كان "تغيير نمط
السلوك"،في الحقيقة يعود البحث الذي يدعم المقاربات السلوكية، في فقد الوزن
إلى أكثر من نصف قرن، والمستوى التقني الذي بلغته هذه التقنية من أجل إمعان النظر
إلى العقل مازالت بسيطة، وفي أحسن أحوالها تقريبات متعددة التفسير للمعرفة
والعاطفة تختزل نشاط بلايين العصبونات في دارات مفقدة إلى بضع بقع ملونة إلا أن
الباحثين يمكنهم بصورة موضوعية قابلة للإعادة ملاحظة وقياس السلوك الجسماني
والبيئة المجاورة مباشرة لموقع حدوث هذا السلوك مما يسمح لهم بتعرف الصلات بين
البيئة والسلوك ويتضمن ذلك نمطياً محاولة تحديد الأحداث أو المواقف التي تحدث
سلوكيات معينة أو تحفزها ثم ملاحظة ما هو مجد وتبعاً لذلك دعم بعض السلوكيات أو
تهذيب بعضها أو تثبيط سلوكيات أخرى.

إذاً للتغلب على البدانة يقوم محلل السلوك
بفحص التأثيرات السلوكية ذات العلاقة:

ما هي العوامل الخارجية التي تدفع الناس للإفراط
في الأكل، أو لتناول الأغذية التافهة، وما هي العوامل التي تشجع على تناول الطعام
الصحي؟ وما هي المواقف التي تكون فيها لسلوكيات وتعليقات الآخرين دور في الإغراء
بتناول طعام غير صحي؟ ما الذي يبدو أنه فعال ومجز عند تناول الطعام الصحي لفترة
طويلة؟ ماذا يعزز كونك كثير النشاط؟

منذ عام 1960 ميزت الدراسات التي ركزت على
السلوك وعلاقته بالبدانة والحميات، بعض الظروف الأساسية التي تبدون أنها مرتبطة
باحتمال كبير بفقد الوزن والمحافظة عليه وهي:

التشديد على قياس وتسجيل السعرات الحرارية
والتمارين الرياضية ووزن الجسم، والقيام بتغييرات بسيطة تدريجية بدلاً من إحداث
تغييرات شديدة وتناول حميات متوازنة تخفف بيسر الدهون والسكر أكثر من إسقاطها
مجموعات غذائية رئيسية، ووضع أهداف واضحة بسيطة، والتركيز على عادات تتبع مدى
الحياة بدلاً من حميات على المدى القصير والتأكيد على الحضور ضمن مجموعات يتلقى
فيها الخاضعون لحمية التشجيع على الالتزام بها والإشادة بجهودهم في هذا الشأن.

إذاً لا يوجد حل واحد لأزمة البدانة يلائم
المشكلات جميعها سواء أكان هذا الحل سلوكياً أو خلاف ذلك إلا أن التدخلات السلوكية
تعمل بصورة أفضل عندما يتم تعديلها لتتلاءم مع الأفراد ومع المقاربات السلوكية
للسوق العمومي

» كيف تتغلب على النسيان
» كتاب : أزمة علماء النفس المسلمين
» ابتكار إلكتروني لحل أزمة المرور بأيدي طلاب هندسة الزقازيق