العظماء دائمو النظر إلى أنفسهم نظرة احترام وتقدير،
فمن الصعب أن ينظر الإنسان إلى نفسه نظرة احتقار
ليكون بعد ذلك رقما صعباً في الحياة متميزاً في حياته،
فالعظيم لابد أن يكون عظيماً في نفسه، ولا يكون ذلك إلا بالثقة بالنفس
وتقدير الذات واحترام كل خطوة يخطوها الإنسان،
فإن كانت خاطئة فهي درس وتعليم وإن كانت صحيحة
فهي نتيجة حتمية للتعلم والتطور المستمر.
نحتاج إلى العظماء في حياتنا لأنهم الأرقام الصعبة
التي لا تقبل القسمة على أي شيء فهم مميزون في حياتهم
ومنفردون في شخصياتهم، يشار إليهم بالإنجاز والإبداع
في أي مجال يلتحقون به ولا يرضون بشيء غير التميز المطلق
فهم عظماء في أنفسهم وفي حياتهم فهمتهم عالية وطموحاتهم كبيرة
وهم مقتنعون كثيراً بما قسمه الله لهم، ولكن لا يقتنعون بإنجازاتهم،
فكل إنجاز مهما كبر وعلا شأنه فإنه يجرهم إلى
مزيد من الإبداع والتألق ومواصلة تلك الإنجازات.
يكمن الفرق بين الإنسان العادي والعظيم في نظرة كل منهما إلى الأمور
، فالشخص العادي يكفيه أي شيء وبأي طريقة، على عكس ذلك العظيم
الذي لا يرتاح ولا يقف إلا إذا حقق التميز في أي عمل يقوم به،
ويحاول بكل جهده وبشتى الطرق أن يكون عمله مختلفاً
عن الآخرين متميزاً عن نظيره من الأعمال، وهذا ما يجعلهم
محط إعجابٍ وإثارةٍ عند الكثير من الناس.
حتى يكون الإنسان عظيماً لا بد أن يكون كذلك عظيماً
مع الآخرين لأن هناك فرقاً بين أن ينظر الإنسان إلى نفسه كعظيم،
وبين آخرَ يتكبر على الناس ويترفع عنهم ظاناً أنه أفضل منهم شأناً ومكانة
بل على العكس إن العظيم متواضع للآخرين يحترمهم
ويقدر ما يقومون به من أعمال، ومن المستحيلات
أن يحتقر أحدَ الناسِ أو يحتقرَ أعمالهم، لأنه على يقين
من أن نجاحه في الحياة هو من نجاح الآخرين، وكل شخص
يلتقيه هو مهم بالنسبة إليه فالاهتمام بالناس شعاره والحرص
عليهم هو واجبه والوقوف معهم في أي حدث يمرون فيه هو قراره
وكسب الآخرين هو رسالته في هذه الحياة.
يتعلم العظماء من حياتهم ومن تجاربهم، فحياتهم تجارب مستمرة متواصلة
ومن الصعب أن تمر على العظيمِ المواقفُ والتجاربُ ولا يستفيد
منها فكل لحظة وكل تجربة هي إضافة لابد منها وهي درس
سيجعله مواصلاً التألق. سيجعله مواصلاً رحلة التميز
والازدهار وعندما يقرر الإنسان التوقف عن طلب العلم والتطور
والإبداع هنا يحكم على نفسه بالتوقف ويمنح الآخرين فرصة التقدم عليه،
والأكثر من ذلك أنه بعد مدة سيجد نفسه وقد أصبح دونهم
في العلم والمعرفة وسيبقى في مؤخرة القافلة ومن الصعب أن يصنف نفسه في قائمة العظماء.
العظيم لا يفكر بنفسه فقط ولا يكون أنانياً، وفي المقابل
لا يضحي بنفسه كثيراً من أجل الآخرين، بل تجده متوازناً
في حياته يعرف حق نفسه وحق الآخرين وحق ربه ولا يقصر
في إسداء تلك الحقوق، ويعلم تمام العلم أن قوته في توازنه
وأن سياسة أنا أربح وأنت تربح لا تكفيه، بل سياسة الكل يربح
هي التي يختارها في حياته، فهو يبذل الجهد ليربح ويكسب في حياته
ويساهم في ربح الآخرين ويهتم بهم، ولا ينسى مجتمعه الذي قدم له الكثير
وهذا ما يجعله حريصاً بشدة على مصلحة المجتمع ومصلحة كل من حوله من الناس.
العظماء هم من يخلقون الفارق في أي مكان يوجدون فيه لأنهم
يرفضون الروتين ويحرصون على التجدد والإبداع
وهؤلاء هم من يصنعون المؤسسات وهم من يحدثون العقول
لأن الكثير من الناس وصلوا إلى مرحلة القبول بأي شيء
وهذا ما جعلهم جامدون في أمكنتهم بلا حراك.
لو بحثت في سيرة العظماء لوجدتهم ناساً مكافحين مثابرين
لا يقفون أبداً مكتوفي الأيدي أمام المصاعب والعقبات،
بل سرعان ما يبحثون عن الحل ويصنعونه إن لم يكن موجوداً
وأكثر ما يميز العظماء اقتناصهم الفرص لبناء أنفسهم
وبناء مؤسساتهم، وهنا تكمن العظمة
فكما يقول الشيخ محمد بن راشد في كتاب رؤيتي
"الفرق بين من يقتنص هذه الفرص ومن يضيعها
ليس كالفرق بين التوسع والانكماش فقط
اللهم أجعلنا جميعا من العظماء المتميزين في الحياة واجعلنا مما يترك بصمة جميلة في الحياة
آآآآآآآآآمين