القاتل والضحية

يقول الشيخ على الطنطاوي -رحمه الله- في كتابه صور وخواطر:

نظرت فرأيت اثنين يختصمان ويعتركان، أما أحدهما فكان مسكيناً قميئاً أعزل عاجزاً، وأما الآخر فكان ضخماً مفتول العضل وسخ الثوب قد حمل سكيناً في يده طويلة النصل حديدة الشفرة وهجم بها على صاحبه والناس ينظرون ولا ينكرون وصاحبه المسكين يصرخ ويتلفت تلفت المذعور يطلب الغوث ولا يغيثه أحد ويبتغي المهرب فيفسد عليهالناس طريقه..
وإني لأفكر ماأصنع وإذا بالخبيث العاتي يذبحه والله أمامنا ذبحاً ويتركه يتخبط في دمائه ويوليه ظهره ويمضي إلى دكانه متمهلاً فيعالج فيها شأنه على عادته كأنه لم يرتكب جرماًَ ولم يأت الأمر النكر جهاراً !!
وكدت أهجم عليه وأسلمه إلى الشرط ثم ذكرت أن الشجاعة في مثل هذا الموقف تهور وحماقة وأن المجرم بيده السكين لا يمنعه شيء أن يجأ بها من يريده بشر وطمعت أن يتحرك أحد الواقفين فيقدم عليه فأتبعه وأشد أزره فلا والله ما تحرك أحد منهم ولا جرؤ على ذلك بل لقد تكلم واحد منهم فلما رفع القاتل رأسه ونظر إليه رأيته يجزع ويفزع ويقول له بصوت مضطرب متلجلج :"الله يسلم يديك"!!
وحرت ماذا أعمل أأبلغ الشرطة ؟؟ أو أدعهم وأمضي إلى داري لا علي ولا لي؟
ثم رأيت أن خير ما أفعل أن أكتب وصف مارأيت ليذاع ويعرف به الناس..
وهاأنذا أتهم الرجل بالقتل وأدعو الحكومة للقبض عليه حتى يعاقب ويكون عبرة لمن يعتبر.
ولا يحسبن أحد أنه فرَّ أو أن القصة متخيلة أو مكذوبة أو أنها من أساطير الأولين.
فالقاتل موجود في دكانه يغدو ويروح والقصة صحيحة رأيتها بأم عيني وأنا سالم العقل غير مجنون ولا معتوه، متيقظ لا نائم..
أفسدت الأخلاق وضاعت المروءات حتى لا ننكر الأمر النكر ؟ هل نامت الحكومة في الشام نومة أهل الكهف حتى لاتدري بالدم يسيل في شارع من أكبر شوارع دمشق؟؟!
لقد سكت الجميع حتى أن أنسباء القتيل قد ناموا عن دمه لأن القاتل كما قالوا عازم على ذبحهم كلهم وماضيه حافل بمثل هذه الجرائم..
فما سر هذا السكوت؟؟
ذلك أن المسكين الشهيد كان خروفاَ من خرفان الضحية وأن القاتل كان جزار الحارة

"شهيد العيد"
من كتاب صور وخواطر للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله.

كل عام وأنتم بألف خير

شكراً لك
وكل عام وأنت والمسلمين بألف خير I love you

» تجنب النمل القاتل.. تنجح في حياتك. ! ؟