لقاء اليوم: أبو حنيفة العمل الجماعي واحترام المعلمين

أبو حنيفة إمام المذهب الحنفي الأكثر انتشاراً في العالم الإسلامي...
نتشرف بوجودك معنا...

- ماهي قصة اهتمامك بالعلم؟
--كنت تاجراً ماهراً، حتى قابلت يومًا رجلاً قال لي: يا أبا حنيفة والله إني أرى فيك همة وذكاء، وأراك تستطيع أن تقدم كثيرًا للإسلام.

فوقع كلام الرجل في قلبي، فسعيت وسألت إلى أن استقريت على دراسة الفقه، وسألت عن أحسن من يتعامل على يده، فسافرت وتتلمذت على يد حماد بن سليمان.

-ما أجل أولئك الذين يبحثون عن المواهب فيشجعونها...لماذا اخترت الفقه بالذات؟
--لما أردت طلب العلم، جعلت أتخير العلوم وأسأل عن عواقبها.
فقيل: تعلم القرآن. فقلت: إذا حفظته فما يكون آخره؟ قالوا: تجلس في المسجد فيقرأ عليك الصبيان والأحداث، ثم لا يلبث أن يخرج فيهم من هو أحفظ منك أو مساويك، فتذهب رئاستك.قلت: من طلب العلم للرئاسة قد يفكر في هذا،

قلت: فإن سمعت الحديث وكتبته حتى لم يكن في الدنيا أحفظ مني؟ قالوا: إذا كبرت وضعفت، حدثت واجتمع عليك هؤلاء الأحداث والصبيان. ثم لم تأمن أن تغلط، فيرموك بالكذب، فيصير عارا عليك في عقبك. فقلت: لا حاجة لي في هذا.

قلت: أتعلم النحو. فقلت: إذا حفظت النحو والعربية، ما يكون آخر أمري؟ قالوا: تقعد معلما فأكثر رزقك ديناران إلى ثلاثة. قلت: وهذا لا عاقبة له. قلت: فإن نظرت في الشعر فلم يكن أحد أشعر مني؟ قالوا: تمدح هذا فيهب لك، أو يخلع عليك، وإن حرمك هجوته. قلت: لا حاجة فيه.

قلت: فإن تعلمتُ الفقه؟ قالوا: تسأل وتفتي الناس، وتطلب للقضاء، وإن كنت شابا. قلت: ليس في العلوم شيء أنفع من هذا، فلزمت الفقه وتعلمته.

ولكنني طبعاً كنت أحفظ القرآن والأحاديث...

-هل ألهاك العلم عن عبادة الله؟
--كنت أصلي في الليل فأختم القرآن بركعة....

-ماشاء الله!....كيف توقر أستاذك حماد بن سليمان؟
إذا غاب أستاذي وأجلست للتدريس مكانه فإنني أكتب ما يسأل فيه وجوابه فإذا جاء أستاذي عرضته عليه ,
وإذا استغفرت لوالدي استغفرت لأستاذي ولا أمد رجلي تجاه دار أستاذي توقيرا له (مع أنه بين بيتي وبيته سبعة بيوت )
ولا أشتري لأولادي شيئا طيبا إلا أشترى لشيوخي أجود مما اشتري لنفسي ولعيالي.
وإذا كنت عنده أقلب الصفحات في هدوء حتى لا يزعجه صوتها، إضافة لذلك
سميب ولده حمادا باسم شيخي حماد بن أبي سليمان وذلك ليبقى اسم شيخي في بيتي

وإليكم نصيحة، لقد صحبته عشر سنين فنازعتني نفسي لطلب الرياسة , فأحببت أن أعتزله . وأجلس في حلقة نفسي , فخرجت ليلة بالعشي وغرضي أن افعل فلما دخلت المسجد فرأيته لم تطب نفسي أن أعتزله فجئت فجلست معه فجاءه تلك الليلة نعي قريب له قد مات بالبصرة وترك مالا وليس له وارث فامرني أن أجلس مكانه فما هو إلا أن خرج حتى وردت مسائل لم أسمعها منه فكنت أجيب وأكتب جوابي , فغال شهرين ثم قدم فعرضت عليه تلك المسائل وكانت نحوا من ستين مسألة , فوافقني في أربعين , وخالفني في عشرين فآليت على نفسي أن لا أفارقه , حتى يموت فلم أفارقه حتى مات

-جزا الله كل الخير لأستاذك حماد، يقال إنك مثال في العمل الجماعي، كيف؟
--وطورت نمط تداول الآراء؛ حيث أقمت حلقة نقاش مكونة من 40 عالمًا، وجعلت الرأي الأغلب الذي يتم اعتماده هو الذي يتوافق عليه أكبر عدد من العلماء.
وكنت أحضر المتخصصين في المسائل التي أتحدث فيها

-يقال أنك أول من أعطى منحة علمية، كيف كان ذلك؟
--كان لي طالب اسمه "أبو يوسف" تخلف عن الدرس، فلما سألته عن سبب غيابه قال أبي أرادني أن أعمل، فمنحته أموال شهرية حتى يتفرغ للعلم.

-هل كنت تقبل النقد، فأمة (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) اليوم لا تقبل النقد؟
--كنت واسع الصدر هادئ الطبع في حديثي مع الناس، مرة قال لي رجل: اتق الله، فانتفضت، وطأطأت رأسي، وأطرقت.. وقلت له: يا أخي جزاك الله خيرًا، ما أحوج الناس في كل وقت إلى من يذكرهم الله تعالى،
ما لكم لا تقبلون النقد؟

-ماذا تقول لـ "صناع التميز"؟
--العمل الجماعي يا بنياتي، لأن فقهي كله قام على ذلك، حتى إن بعض المسائل فيه لم أكن شخصياً أوافق عليها، ولكن الرأي الأعظم يكون كذلك، فيدون
واستشيروا دائماً أهل العلم....وثابروا فقد ظللت أعمل على مدرستي الفقهية قرابة 30 عام
لا يلهينكم العمل الذي تقومون به عن العبادة
وتقبلوا النصيحة دائماً
ووصيتي الأخيرة: عليكن بمدرساتكن، أجل....ادعوا لهن، واحترموهن، وقروا أعينهن، وإن صرتم إلى شيء مهم في المجتمع، فلا تنسين أبداً أن ذلك بفضلهن
أرجو أن يثمر عملكن....

شكراً جزيلاً يا سيدي لوجودك معنا

» نموذجٌ عمليّ لصناعة قراراتٍ أفضل في فريق العمل ( القرار الجماعي )
» كل عام وانتنَّ بألف خير "قصيدة للإمام أبي حنيفة النعمان"
» العمل و روح الفريق (1)