كنا قد طرحنا سابقا في المنتدى حملة تهدف لتغغير طرق تعامل المجتمع مع المشكلا ت من حوله واليوم سأطرح إحدى هذه المشكلات التي في نظري هي من أهم المشكلات لأننا لا نعترف بواجبنا لحلها أو نتجاهله
وباسم الله أبتدأ..
براءة..
براءةُ..
أين أنتِ..؟؟
ونحوَ أيِّ أفقٍ توجهت؟؟
فإني لم أعلم لك أفقاً سوى أفقي !!
أم ترايَ أصبت بقصر النظر!!
أفقك أو سأسميه أفقي ..كنت أطارده كلّ حين ولا أملُّ السعي وراءه.. لا أملُّ منه لعبة الغميضة التي يلاعبني بها دائماً،لا أملُّ ظهوره حيناً واختفاءه حيناً آخر ..بل ذلك يجعلني أكثر شوقاً ..أكثر عشقاً..وأكثر حماسةً للبحث عنه في كل عين جديدةٍ أراها ثم تحاول أخذي إلى حكاياتها المستترة ،وقبل أن تأخذني آخذ منها ما أريده بالفعل ..أبحث فيها عنك ِ..عنكِ أنت يا براءة..
لا تستعجبي ولمَ العجب؟!! إن كثر الخداع ..فلن أستسلم للضياع ..لن أنصاع ..لن أرضى بهذا القناع.
يا طفلتي قد أحببتك أكثر من أيّ شيء آخر،أحببتك في ضحكاتهم ..في أراجيحهم ..في صحونهم وشوكاتهم ..في شقاوتهم..في نعومتهم..في طهارتهم..أحببتك عندما يخرجون من بطون أمهاتهم باكين..مذعورين..ولكنك لم تفارقيهم.
أحببتك عندما مسحوا بالأرض أطرافهم الصغيرة هم يزحفون.زوعندها أحببتك أكثر لأنك لم تفارقيهم عندما تعثروا في بداية الأمر..في أول خطوة يمشونها..وأول عثرة يتعثرونها..ثم ينهضون من جديد..ليزخرفوا صفحاتهم الملونة بأول حروف متعرجة كبيرةيخطونها على دفاترهم..وأول نجم تضعه أنامل كادحة على جباههم..وأول نيشان يعتلي صدورهم..
هذا كله يأتي في المرتبة الأولى وأول الأشياء التي لا نعرف كيف ستستمر وكيف سيأتي مستقبلها الحالم ..أأبيض سيكون أم سيتشح بالسواد؟؟ لا ندري هل ستبقين أنت في المرتبة الأولى أم أن الغرور سيسبقك بأشواط كثيرة ؟؟
وتبدأين بالزوال..وتختفي المعالم ثم يكون نصيبك الاضمحلال،فلا عينان بريئتان ولا حتى تمت إلى العيون بصفة تجعلها إنسانية ،تنساك هذه العيون ،تنساك يا براءة!! ولكن كيف؟؟كيف ينسى البشر أنهم أطفال؟؟كيف تستدرجهم عقولهم إلى التربع على عرش هذه الدنيا الغريبة ويستهزئون بالطفولة !!يا لهم من حمقى!!وهل يظنون أننا سنغادر المهد يوماً؟؟هل يظنون أننا سنكتفي من الحب!! من الأمل!! من العلم!! هل سنشبع من الإيمان !! من العطاء!! من السعادة !! لن نكتفي ولن نشبع بل سنبقى أطفالاً حتى يضمنا اللحد ..
تغريهم الدنيا بمالها وعزها وعلمها..
تلك الفتيات اليافعات يقذفون بك في أكوام ملابسهنّ في الأكوام التي صنعنها من هذه الدنيا التي أفاضت عليهن بما لذّ وطاب من فسقٍ ومجون،حتى ظنن أنك مجرد سخريات وتفاهات من الماضي،ومثلهن الكثير من النساء والشبان والرجال ..من يمتلك منهم المال والجاه يتناسى ملكه القديم ..ملكه الأزليّ ..ملكه للمسؤولية ..ملكه للأمانة التي حملها البشر منذ أن عرضها الله سبحانه وتعالى على السماوات والجبال ،فحملها..حملها الإنسان عندما كان إنساناً حقاً وصدقاً عندما لم يفارقك يا براءة ،عندما حملك مع كل جبل يصعده ،مع كل منعطف يمر عليه وحتى عند كل هاوية تستهويه ،فقد كنت أنت من يمنعه..أنت من يوقظه..أنت من يمسح دمعه..فلولاك لمات الضمير لولاك لما أشفقت القلوب ولما فاضت العبرات ..عند غيابك ..أو ربما لم تغيبي ..لا أدري هل أعتابك؟أم أفجر جام غضبي وحزني بوجهك ..لقد غبت ولم تغيبي،ها أنت ذا في عيون بطونها جوعى ..أجسادها مرضى عيونٌ أرّق أجفانها الألم ،دفءُ الدموع ألهبها حتى تبخرت الدموع لم يعودوا قادرين حتى على البكاء، أراهم كل يوم على شاشة التلفاز يستنجدون..يستغيثون..وكل يوم يتلوه يوم ويتماوتون..يذوون ،بدأت عظامهم بالظهور عندما غابت الدموع فماذا نفعل؟حقاً لقد غابت الدموع عن أعيننا وعن قلوبنا،ماذا نفعل ونحن نراهم يختفون ،أطفال الجوع والجفاف لا يملكون مالاً ولا خفاف بل يملكون أملاً بالعطاف، ما زال الأمل يسد بطونهم ويروي عطاشهم ،يدفع قلوبهم على النبض من جديد..يدفع الزفير على الخروج ليتلوه الشهيق..ولكنه يخون أحياناً
ما زالوا مستمسكين بذاك الحبل بأننا نحن المسلمون لن نتركهم وسنمسك أيديهم بأيدينا ..
وأننا نحن أملهم ونحن طعامهم ونحن شرابهم ونحن مأواهم .
أحياناً عندما أبتلع اللقمة أغصّ وأتذكر صوته..صوت ذاك الفتى يبكينا نحن المسلمين..يبكينا لنسد رمقه،يبكينا لنحيا بإنسانية .
براءة أخبريني ماذا أفعل؟لم أبخل بالدعاء ولكن..!!أما من سبيل أما من أمل أما من طريق؟؟ براءة أناشدك إن لم تغيبي ..إن لم تذهبي لذاك الأفق..إن بقي فيك رمق..أناشدك أن تخبريني كيف؟؟كيف سيعود الأمل ؟؟كيف سنبدأ بالعمل ؟؟
نستطيع على الأقل أن تعترف بنصيبهم من الإنسانية،نستطيع أن ندعوهم بشراً لا عبيداً،لا عالماً ثالثاً يقع تحت أقدام ذاك الأول
لا...!!!
لمَ لم نسمع لصرخاتهم أصداء..
لمَ لم نرى دمعاتهم الزجاجية البريئة الضعيفة..
لمَ رأينا دموع التماسيح ولم نراها تلك الصادحة..
لماذا؟؟لأن عقولنا قد غسلت..لأننا تعوّدنا ..!!
كما نقول دائماً..أصبح من عادتنا التقليدية..إفريقيا من دول العالم الثالث أو حتى في دول ليست بثالثة..أناس فيها من الدول الثالثة..قد أصبحنا نعاملهم كما نعامل الضباب عندما يغشى العيون،ننتظر الريح حتى تذهبه وكما يقولون الزمان يتكفل بكل شيء ولكن هل سيطعمهم؟؟هل سيشبعهم؟؟هل سيلبسهم؟؟هل وهل؟؟وماذا بعد؟؟
سرابٌ حسناً..رمادٌ حسناً ولكن !!هناك يوم للحساب هناك رب لا يغيب..
رغم تلك الأرملة العنكبوتية التي نسجت شباكها حول أشياءَ نسميها أدمغة..أو ربما كذلك كان اسمها..تلك التي نسميها ثقافة..حضارة..أو أياً كان اسمها فهويتها واحدة وجميعنا نعرفها ،رغم كل هذه الحضارة التي وصل إليها هذا العالم البعيد عن الحضارة فإنه لم يستطع يوماً أن يبعد شلواً من أشلاء الجسد عن الآخر دماغٌ وقلبٌ وأعصابٌ ورئتين..لم يستطيعوا!!ولن يستطيعوا فقد خلقها الله عز وجل وهو من كل شيء أكبر هو أكبر على كل ممن طغى وتجبر وعند الله الدين هو الإسلام..التوحيد فإذاً لن يستطيعوا أن يفصلوا أعضاء الجسد الواحد عن بعضه..فنحن جسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى،نحن جسد..فيه ألف عين كل يوم تبكي ألف دمعة..نحن جسد..في ألف كفٍ فيه كل يوم تمسح ألف دمعة..ولكن ذلك لم يكفي..!!
على هذه الأكف أن تدعو ألف دعوة وعلى القلوب خير دعوة..علينا أن نعود..نعود لما فطرنا الله عز وجل عليه..فطرة الله التي فطر الناس عليها،ومتى كان ذلك ؟كان ذلك قبل أن تذهب من أعينهم البراءة..عدت إليك من جديد وكأنني ذهبت أصلاً!! ثقي بأني لم ولن أذهب،بل سأظل أطارد الأفق وسأظل أناديك كل يوم لتمسحي الغبار، لتعدي لنا قهوة الصباح بشيء من الحب وفي المساء قبلة المودة وخلال النهار..ابتسامة صادقة..صدقة جارية..وكلمة طيبة،علينا أن نملأ عالمنا هذا بالحب لندلو بدلونا إلى العوالم الأخرى،ولتصبح أصواتنا صوتاً واحداً ينادي..براءة !!
لا تتركي هذا العالم..
لا تسمحي لشمس الأمل أن تغيب..
بل دعيها تشرق كل يوم آلاف وآلاف المرات..لنبقى أطفالاً وسأقولها آلاف وآلاف المرات.
الاثنين 10/شعبان/1432 11/7/201112:56 مساءًبقلم عاشقة الطفولة :ثواب سفور وفي نهاية المطاف يكمن السؤال كيف نستطيع إحياء ما يسمى براءة في حياتنا المليئة بالمتاهات والأهم كيف نستطيع مساعدة أطفال الجوع في إفريقيا وفي بلادنا وبأي طريقة نستطيع إيصال هذه المساعدةأرجو أن تسدوا بآرائكم