ثقافة الوقوف على الاطلال

عدد المساهمات : 445 تاريخ التسجيل : 22/02/2010

لماذا نحبُ الماضي؟
نتحسرُ على الأيام الماضية؟
نستحضرُ كل الأحداث والشخصيات إلى واقعنا؟
لأن الماضي هو معادلة الواحد زائد واحد أي المعادلة السهلة البسيطة، معادلة سهلة جداً ليس فيها جديد، نستطيع معرفة نتيجتها، نفهمها وليست بحاجة إلى تفسير وتفكير، إننا نحبُ الماضي لأننا نحبُ المعادلة التي تُبعِدنا عن التغيير، التي تبعدنا عن السؤال والبحث عن الجواب، معادلة ليس فيها مسؤولية فهناك من يضع بدوننا الخيارات والقرارات والمستقبل.

التاريخ بالنسبة لنا أمران استحضار الشخصيات والأحداث والثاني هو البكاء، بالتأكيد ليس هذا هو التاريخ.

لكلِ إنسان ذاكرة ليس هدفُها فقط حفظ الأحداث بل الاستفادة من الخِبرات التي يمرُ فيها خلال حياته لذلك نقول أن من كان متقدماُ في السن يملكُ المعرفة أكثر من العمر الأصغر لأنهُ بكل بساطة يملك ذاكرة، ومن يفقد ذاكرته تضيع البوصلة منه فلا يعرف من هو وأين هو وإلى أين يذهب في حياته، ومن لا يمتلك الخبرات والأحداث في حياته فهو يمتلك ذاكرة ناقصة ليس فيها فائدة لتعطي لمن بعدها حكمة في الحياة.

كل ما تم ذكره سابقاً ينطبق تماماً على المجتمع، التاريخ هو ذاكرة، وكلما كان تاريخنا غني بالخبرات كلما امتلكنا الحكمة لكي نواجه الحياة.

الحاضر هو جزء من المسيرة المستمرة من الماضي إلى المستقبل، والسؤال الذي نطرحه على أنفسنا: ماذا نفعل في الحاضر؟ ماذا استفدنا من التاريخ وكيف نبني المستقبل؟.

السؤال صعب فالأمور معقدة جداً ولا يمكن اختصارها باجابة سريعة، ولكن الفكرة التي يمكن طرحها هي الحاضر هو الحقل الذي نزرع فيه، نحصدُ في مواسمنا ونزرع للأجيال التي لم تخلق بعد، الحاضر هو الأرض التي حرثت من قبلنا في كل تفاصيلها وتجاعيدها و نحن نكمل هذا الحفر ونضع عليه بصمتنا ونجهزه للأجيال القادمة، البذور هي فكرنا وعملنا نسقيها ماءنا و تكبر تحت شمسنا....هذه الفكرة هل نعيشها في حياتنا أم أننا احرقنا الحقل ترابه وجعلنا غيرنا يزرع البذور ويسقيها من ماءه؟!

الأمر بحاجة إلى وقفة وقرار لنبتعد عن ثقافة الأطلال والبكاء والتمجيد، ونعمل على ثقافة الإبداع والفكر والعمل الواقعي المنتج، ثقافة نخلقها فليس المهم أن نكون موجودين على سطح الأرض فالمهم هو أن نكون فاعلين وإلا المستقبل يدفن أمام عيوننا.

لنفكر في طفلٍ لم يولد بعد
لنفكر في أجيالٍ من الشباب لم تولد بعد
لنفكر في سنابل القمح وهي لم تزل فكرة لدى فلاح الأرض...
إن الوطن رسالة للأجيال التي لم تخلق بعد.. فأي رسالة نكتبها لهم؟

لنعمل في حاضرنا لنكتب التاريخ كما نحبه ويحبنا، لنعمل على بناء الإنسان والمجتمع، لنبني حاضرنا لنترك لأجيال المستقبل تاريخاً يفخرون به ويبنون عليه.

queen

Admin عدد المساهمات : 1572 تاريخ التسجيل : 09/08/2009

اضم صوتي لك .. وهي مشكلة فردية ومجتمعية أيضاً .. فكثير منا يظل يبكي على مافات ثم يرسم مستقبله وفق تلك الرؤيا القاتمة ..
يجب أن ننظر لما نمر فيه أنها خبرة تقوينا سواء كانت هذه الخبرة سعيدة أم حزينة .. مجرد خبرة فلا نغتر إن كانت سعيدة وننشغل بها عما هو أولى وماهو قادم و إن كانت حزينة فلا نتباكى ونرسم صورة قاتمة لما سيتوالى من الأحداث .. لننقذ ما يمكن إنقاذه ... و نحاول أن نرسم غداً أفضل مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم على لسان ربه : أنا عند حسن ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ماشاء.
Wink

» ثقافة الاستدراك
» ثقافة الاعتذار .. هل نتقنها؟؟؟؟