[b]○°?! تسـاؤلاتُ حنين !?°○
~
حنين تلك الفتاةُ المُدَلَّلة ، التي يغبطُها أخواتُها ، واشتهرت بين زميلاتِها وتفوَّقت في دراستِها .. وقفت ذات يومٍ مع نفسِها ، وعادت بذاكرتِها للوراء ... سنواتٌ طِوال ، وأيَّامٌ مُتقلِّبةٌ ما بين ليلٍ ونهار .
في ابتدائيتها تسيرُ مع صاحبتها .. تجلسُ في الفصل بجانبها .. معها مِن البيت للمدرسة ذهابًا وإيابًا .. وتمُرُّ الأيَّامُ والسنون وما زالتا بجانبِ بعضهما ، حتى وصلتا للثانوية .. فتفرَّقت المقاعِدُ والفصول ، لكنَّ الحُبَّ لم يختفي مِن القلوب .. تنظرُ حنين وتتذكَّـر حين كانتا على اتِّصالٍ لا ينقطِع ، والآن قَلَّ الاتِّصالُ وإنْ كان موجودًا .. وتتساءلُ حنين : تُرى هل سيستمِرُّ الاتِّصالُ بيننا أم سينقطعُ بمرورِِ الأيِّامِ بغير عُذر ؟! ولا تجِدُ جوابًا .
()
وتتذكَّـرُ حنين تلك المُعلِّمةَ التي كانت تُحِبُّها وتُكِنُّ لها كُلَّ احترامٍ وتقدير ، ثُمَّ أين هى الآن ؟ لا تذكرُ شيئًا عنها سِوَى " اسمها " ، وذكرياتٍ طيبةً مُشوَّشةً كأنَّها أحلام .. وتتساءل : تُرى هل سأراكِ يومًا يا مُعلِّمتي ؟ وإنْ رأيتُكِ هل ستتذكَّريني ؟ وهل سأعرفكِ ؟ والعِلمُ عند الله
()
تتذكَّـرُ حنين صديقتَها التي أبكتها يومًا بسُوءِ تصرُّفها ولم تُفكِّر حتى في الاعتذار لها .. وتتساءل : تُرى لو رأيتُكِ يومًا يا زميلتي سيزولُ ما بنفسي مِن ناحيتك ؟ تُرى لو صافحتُكِ سيصفو قلبي مِن ناحيتك ؟ وتعجزُ عن الجواب .
()
تتذكَّـرُ حنين تلك التصرُّفات السيئة التي كانت تصدرُ مِنها دونما توجيهٍ أو نُصحٍ مِمَّن حولها .. وتتساءلُ : كيف فعلتُ ما فعلت ؟! ولِـمَ ؟! وما الذي أعمى عيني عن سُوء تصرُّفاتي ؟! ومَن وضع الغشاوةَ عليها ؟! وتُرى هل سيقبلُ اللهُ توبتي بعد كُلِّ ما فعلت وبعد تأخُّر توبتي سنوات ؟! وهل إنْ أخطأتُ أو أسأتُ في قولٍ أو فِعلٍ سأجدُ نفسَ اللامُبالاة أم سأجدُ مَن ينصحني ويُوجِّهُني ؟! وتستطيعُ حنين الإجابةَ على سؤالٍ واحد فالله سُبحانه وتعالى غفورٌ رحيم .. وتِقفُ عاجزةً عن الإجابةِ على باقي الأسئلة .
()
تتذكَّـرُ حنين أيَّامًا مِن عُمرها كانت تُنافِسُ فيها زميلاتِها ، وتجتهِدُ في مُذاكرتِها ، وتحاوِلُ أنْ تبرزَ بين نظيراتِها ، وتكونَ معروفةً بين مُعلِّماتِها ، فتضحكُ على نفسها .. وتتساءلُ : تُرى هل سأرى أيَّامًا كهذه في مُستقبلي رغم ما كان يشوبُها مِن بعض المُخالفات ؟ وتتمنَّى ألاَّ ترى مِثلَها .
()
تتذكَّـرُ حنين ذلك اليوم الذي طلب فيه مُعلِّمُهنَّ مِنهُنَّ تحضيرَ الدرس ، ثُمَّ أتت هى وزميلاتُها قبل دخول المُعلِّم وبدأن يتَّفِقن : أنا سأتحدَّثُ في هذه النقطة لأنِّي أحفظُها ، وأنتِ ستتحدَّثين في النقطةِ الثانية ، والكُلُّ يُريدُ نفسَ النقطة ، إذا سألُ المُعلِّم : مَن تستطيعُ الحديثَ عن هذه النقطة ؟ فلا ترفعي يدكِ ، بل لا ترفعي يدكِ أنتِ ،، الكُلُّ يتنافس ويُريدُ الحديثَ عن نفس النقطة ،، ثُمَّ يقعُ الاختيارُ على حنين ، وهى تنظرُ لزميلاتِها وتبتسِم .. وتتساءل : هل ستعودُ إلىَّ تِلك الهِمَّةُ التي افتقدتُها ؟! وهل سأرى مَن كُنَّ يُنافسنني يومًا ؟ وتقول : ولِـمَ لا ؟!
()
تتذكَّـرُ حنين صاحبتَها التي كانت تدرسُ معها بالثانوية ، وتتذكَّـر الضحكات والكلمات والاتِّصالات التي كانت بينهما ، والتي استمرت سنوات ، ثُمَّ بعدها انقطع الاتِّصال ، ومَن السبب ؟! .....! وتتساءلُ حنين : ما الذي غيَّركِ يا صاحبتي ؟! أين الاتِّصالات التي كانت لا تنقطع وما كنتُ أظنُّها تنقطعُ يومًا ؟! وأين المِزاحُ الذي كان بيننا ؟! تتذكَّرين حين زُرتُكِ في بيتكِ مرتين أو ثلاثًا ، وتتذكَّرين زيارتكِ لي .. متى كانت ؟ ولِمَ ؟! تُرى لو تقابلنا يومًا سيكونُ بيننا ما كان مِن سنوات ؟! تُرى هل سأقبلُ مِزاحكِ أم سأستثقله وأستثقلُ كلامكِ ؟! والجواب : لَعَلَّ ما في القلوب قد تغيَّر !
()
تتذكَّـرُ حنين صاحبتَها التي أقامت ببلدةٍ غير بلدتها ، ورغم ذلك لم تنساها ، ولم تقطع اتِّصالَها بها .. وتتساءل : تُرى هل سنلتقي يومًا ؟ والجواب : الذي جمع بين قلبينا قادرٌ على أنْ يجمعَ بين أجسادِنا ، سُبحانه وتعالى .
()
تتذكَّـرُ حنين هذه التي تأتيهم بوجهٍ وترحلُ عنهم بوجه .. وتتساءل : ما الذي يدعوكِ لذلك ؟! هل مِن مَصلحةٍ لكِ عندنا ؟! وهل آذيناكِ أو أسأنا إليكِ ؟! والجواب : لا تعلمه حنين .
()
تتذكَّـرُ حنين الفتاتين اللتين تكلَّمَت معهما لأوَّل مرة ؛ فالأولى كان حديثُها معها كحديث الصديقةِ لصديقتها ، لا كاثنتين غريبتين ، رغم أنَّها لم تعرفها إلاَّ مِن فترةٍ قصيرة ،، والثانية رأت كلامَها مُختلِفًا تمامًا عن الأولى ، وكأنَّها غريبةٌ عنها ، رغم طول المُدة التي عرفتها خلالها .. وتمُرُّ الأيَّام وتتساءلُ حنين : تُرَى مَن أقربكما إلى قلبي ؟! ومَن منكما أُحِبُّ الحديثَ معها أكثرَ مِن الأخرى ؟! تُرى مَن منكما تُحِبُّني أكثرَ مِن الأخرى ؟! بل هل تُحِبَّاني كما أُحِبُّكما ؟! والإجابةُ عندهما .. أمَّا الأسئلةُ التي تتعلَّقُ بحنين ، فإجاباتُها تتوقَّفُ على .....!
()
تتذكَّـرُ حنين لحظاتِ حُزنٍ وهَمٍّ وتعبٍ وألم .. وتتساءل : لِمَ لَمْ أجد أحدًا بجانبي في تلك اللحظات العصيبة ؟! هل صِرتُ وحيدةً لهذه الدرجة ؟! هل أبغضني الجميعُ فجأة ؟! والجواب : ليس عندها .
()
تتذكَّـرُ حنين قصةَ الصحابىِّ الذي أخبر صحابيًا آخر بحُبِّه له في الله .. وتتساءلُ : هل سأجدُ مَن تُحِبُّني يومًا وتُعبِّرُ لي عن حُبِّها بكُلِّ صِدقٍ كما عَبَّر عنه ذلك الصحابىُّ رضى اللهُ عنه ؟! أم ستسمعُ مُجرَّدَ كلماتٍ تتكررُ على الأسنةِ وتتبرأُ مِنها القلوب ؟! والجواب : لا تستطيعُ حنين تحديدَه .. وتنتظِـر .....
()
تتذكَّـرُ حنين الصحابىَّ الجليل كعبَ بن مالِك وهو يحكي قصةَ تخلُّفِه عن غزوةِ تبوك ، وكيف أنَّ ابنَ عَمِّه وأَحَبَّ الناس إليه لم يرُدَّ عليه السَّلام انتهاءً بنهي النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .. وتتساءل : مَن مِنَّا انتهى بنهي نبيِّنا - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وأطاعه ولو في أمورٍ يسيرة ؟!
وتتأمَّلُ كثيرًا في عِبارة
" أَحَبّ الناس إليه " .. وتتساءل : تُرَى مَن أَحَبُّ الناس إلىَّ ؟! وهل أنا مِن أَحَبِّ الناسِ إلى أحد ؟! وهل سأجتمعُ يومًا بمَن تكونُ علاقتي بها كعلاقةِ كعب بن مالك بابن عَمِّه أبي قَتادة ؟! والجواب : ......!
()
تتذكَّـرُ حنين حين عاشت حُلْمًا جميلاً ، ثُمَّ أفاقت منه على حقيقةٍ مُؤلِمَةٍ لتعيشَ الواقِعَ المُر ، ولترضَى بقضاءِ رَبِّها سُبحانه .. وتتساءل : تُرَى هل ستعودُ إلىَّ يومًا يا حُلمىَ الجميل ؟! أم سأظَلُّ أعيشُ على ذِكراك ؟! والجواب : .......!
()
وتكثُر تساؤلاتُ حنين:
تُرَى ماذا قدَّمتُ لديني ؟
تُرَى هل انتفعَ أحدٌ بشئٍ قدَّمتُه ؟
وهل قدَّمتُ ما أُذكَرُ به بعد موتي ؟
هل مِن الممكن أنْ يكونَ الإنسانُ وحيدًا وهو بين الناس ؟
وهل الوِحدةُ والانعزال هو انعزالُ الأجساد وبُعدها أم اختلاف القلوب والعقول ؟
وهل مِن الممكن أنْ أُحِبَّ مَن تُبغضُني وأُبغِضَ مَن تُحِبُّني ؟
وهل مِن الممكن أنْ تتقاربَ قلوبُنا رغم اختلافِ آراءِنا وتوجُّهاتِنا ؟
وهل أختي الحقيقة هى مَن ولدتها أُمِّي أم أنَّ هناك أُختًا أخرى أقرب إلىَّ منها لم تلدها أُمِّي ؟
هل مُجرَّد خطأٍ واحدٍ قد يهدِمُ ما بنيناه أو بناه غيرُنا في سنوات ؟
هل اختلاف المُستويات الاجتماعية والمادِيَّة والعُمرية والتعليمية قد يكونُ سببًا في تباعُد القلوب وغِياب التفاهُم والاتِّفاق بين الأشخاص ؟
هل أنا مُحِقَّةٌ أم مُخطِئة ؟
هل هـذه مُجَرَّد أوهامٍ مِنِّي ؟
هل لتساؤلاتي إجابات ؟
تُرَى بماذا سُيختَمُ لي ؟
غفر اللهُ لكِ يا حنين، وأحسَنَ لنا ولكِ الخاتِمة .
لا تحـزني يـا حنين... فمُشكلتُـكِ لها حَـل
وأحسِني كُـلَّ العمـل ... حتَّى نهايـةِ الأَجَـل
واحـذري مِن الكَسل ... فهو بدايـةُ الفشـل
لا تحزني فالعُمرُ فاني ... وأقصِري مِنَ الأماني
واذكـري الإلهَ دومـًا ... واشكريـه كُـلَّ آنِ
تحياتي