الوقت موردٌ محدود.. وسعيك لا حد له..
لم لا تجعل سنتك ثلاثة عشر شهراً؟
جوناثان فارينغتون
وقتك أثمن مواردك، وما لم تدرك حقاً ماذا يعني هذا المبدأ ستبقى مذهولاً تتساءل أين تتبخّر هباء كلّ ساعاتك وأيامك!
وعندما تتفكّر في مواقف الخيبة والهزيمة في حياتك من تجارة كاسدة أو مشروعٍ فاشل أو رابطة منهارة وتسأل نفسك "لو كان لديّ مزيد من الوقت لأستعدّ وأخطّط وأتواصل ألم تكن النتيجة لتختلف؟" فستجد الإجابة في معظم الأحوال أجل بالتأكيد!
إدارة الوقت ببساطة وفاعلية.. وبعزيمةٍ أوّلاً!
في هذه الأيام يحاط الإنسان بوفرةٍ هائلة من أنظمة إدارة الوقت التي يتطلّب كثير منها حضورَ مناهج تدريبية وشراء الكثير من الكتيبات والاستمارات، ولكنّ نظام خبير الإدارة والإنتاجية الراحل آيفي لي (شأنه شأن كثيرٍ من الأفكار البارعة) يبقى على الرغم من فاعليته الملموسة شديد البساطة (والبساطة لا تعني السهولة بالتأكيد!).
من خلال هذا النظام يمكن أن تجدَ في كل يوم عمل فائدةَ ساعةً إضافيةً وهو ما يترجم إلى نحو عشرين ساعةً في الشهر وشهر عملٍ إضافيّ كلّ سنة. ولعلّ خير شهادةٍ على قيمة هذا النظام أنّ رئيس أوّل شركةٍ اعتمدت هذا النظام في مكاتب مديريها كافأ الاستشاري الراحل لي بخمسةٍ وعشرين ألف دولار (كان ذلك في بدايات القرن العشرين) لقاء هذا النظام البسيط ونجاحه في رفع إنتاجية الشركة بنسبة 20%.
أسلوب آيفي لي:
وقتك مزرعة.. لا يمكنك توسيع رقعتها فهل تحسن استثمار كل شبرٍ فيها؟
يجب أن تلزم نفسك بالاجتهاد في تطبيق هذا النظام ما لا يقلّ عن ثلاثين يوماً، وإن أفلحت في ذلك وتذوّقت حلاوة النجاح والحياة المنظّمة المثمرة فإننا واثقون من أنّك لن تلتفت إلى الوراء ولن تتراجع عن هذا المسار أبداً.
الثلث الأوّل:
- دوّن مع نهاية كلّ يوم المهمّات التي ينبغي عليك إنجازها في اليوم التالي.
- رتّب أولويات هذه المهمّات: احترس من تعيين الأولويات المتقدّمة للمهمّات التي تهوى القيام بها. وتذكّر أنّ التجارب تبيّن لنا أفضلية البدء بإنجاز المهمّات الكريهة التي تجد نفسك أقلّ ميلاً لتناولها لأنّك بعدئذٍ ستجد المهمّات الأحلى مذاقاً قد أصبحت حافزاً لك على المتابعة.
- في نهاية كلّ يوم ستجد نفسك أمام مهمّات لم تنجزها، لا تحوّل عمل اليوم إلى الغد دون تفكير، رتّب أمورك مجدداً.
إنّ الإغراء السهل الذي يخضع له الكثيرون هو تحويل مهمّات اليوم غير المنجزة أوتوماتيكياً إلى اليوم التالي. لكن لا! تذكّر أنّ دوام الحال من المحال وأنّ الأولويات قد تتغير فعلاً بين ليلة وضحاها وما كان مهماً البارحة قد تجد ما هو أهمَ منه غداً.
لا يخلو أيّ يومٍ عملٍ عاديّ من شؤون غير عاديةً. وواجبك في الأسبوع الأوّل من تطبيق النظام أن تراقب وتسجّل مقدار وقتك المستهلك بسبب المفاجآت والمقاطعات غير المحسوبة.
الثلث الثاني
"إيجاد" وقت احتياطيّ لمواجهة غير المتوقّع:
- تابع الخطوات المحدّدة في الأسبوع الأوّل، وأضف إليها تخصيص وقتٍ للتعامل مع المفاجآت. ترى كم يمكنك أن تخصّص بناءً على مراقبتك وتدوينك لعملك في الأسبوع الأوّل؟
لا تنسَ تدوين الوقت الذي تنفقه في إنجاز كلّ مهمّة.
الثلث الثالث:
اجعلها عادةً لك: تخصيص وقتٍ معيّن لكلَ مهمّة
- بالوصول إلى هذه النقطة في برنامج ضبط الوقت والنشاطات المختلفة ينبغي أن يكون لديك تقدير معقول لما يمكنك إنجازه في كل يوم عمل، متضمناً في ذلك التأقلم مع المفاجآت وتخصيص وقتٍ لمعالجتها.
بتخصيصك وقتاً معيّناً لكل مهمّة فأنت تضع لنفسك هدفاً واضحاً معقولاً وبذلك ستزاد زيادةً كبيرةً فرصة إنجاز كلّ مهمّاتك المحدّدة ليوم عملك.
ثلاثة أسئلة لا بدّ منها:
عندما تضع لائحة المهمّات وترتّب أولوياتها ثابر على طرح هذه الأسئلة الثلاثة:
- هل ينبغي أن أقوم أنا بهذه المهمّة؟ إن كانت الإجابة لا فحوّلها إلى من ينبغي تفويضها إليه.
- هل ينبغي أن أقوم بهذه المهمة اليوم؟ (ماذا سيحدث لو لم أقم بها؟) إن كانت الإجابة لا فما سبب وجود المهمّة على القائمة؟
- هل القيام بهذه المهمّة يضيف قيمةً لي أو للشركة؟ إن كانت الإجابة لا فما الذي يبرّر مجرّد التفكير في هذه المهمّة؟
للحفاظ على خطة وقتك اليوميّة صحيحةً مثمرة
عشرون اختباراً أساسياً:
بعد المبادئ السابقة نقدّم لك عزيز القارئ لائحةٍ بعشرين سؤالاً أساسياً ينبغي أن يصبح التفكير فيها عادةً لديك وأنت ترسم وتراقب وتصحّح وتطبّق خطتك اليومية لإدارة وقتك وإنجاز واجباتك وإثراء حياتك:
• هل أنجزتُ كل أهدافي ذات الأولوية المتقدّمة؟
• هل قاربتُ أو تجاوزتُ كل أهدافي الأخرى؟
• هل استثمرتُ من الوقت في إقناع الآخرين المقدار المعقول الذي رسمته مسبقاً؟
• هل اتصلتُ بكل عميلٍ على لائحتي لهذا اليوم؟ إن لم أفعل فلماذا؟ ما الذي يمنعني؟
• كم من الوقت أنفقت في استكشاف وإنضاج عملاء جدداً؟
• كم ضيّعت اليوم من الوقت بسبب المماطلة؟
• ما العمل الأكثر قيمةً وجدوى الذي قمت به اليوم؟
• ما العمل الأدنى قيمةً الذي قمت به اليوم؟
• من بين كلّ الأشياء التي أعتبرها مضيعةً للوقت أيّها يمكنني أن أتجنّب الآن أو أتخلّص منه نهائياً؟
• كم أنفقت من الوقت على أمورٍ فيها أكبر فائدة أو ربح لي؟ وهل يمكنني تخصيص مزيد من الوقت لهذه الأمور؟
• هل كان عملي اليوم مفيداً ومربحاً لي؟ وللشركة؟
• هل أنهيت كل الأعمال الورقيّة التي ينبغي إنهاؤها؟
• في هذا اليوم كم يبلغ مقدار نشاطاتي التي تقرّبني فعلاً من تحقيق أهدافي؟
• كم خصّصت من وقت لأجل عائلتي وأصدقائي..؟
• ماذا يمكنني أن أفعل لتحسين أجواء ومنافع الأوقات الخاصّة التي أمضيها مع عائلتي وأصدقائي..؟
• كم من الوقت أخصّص لنفسي؟
• لو كان لي أن أعود بالزمن إلى الوراء وأفتتح هذا النهار من جديد فماذا سأغيّر من تصرّفاتي؟
• ما الأمور التي أفتخر وأسرّ بأنني قمت بها اليوم؟
• هل اتصلتُ هاتفياً أو بريدياً ووجّهت شكري لمن تعاملوا معي اليوم أو من يسّروا لي إنجاز تلك التعاملات؟
• ما الأمور أو الأشخاص الذين تسببوا اليوم بأكبرِ تضييعٍ لوقتي؟
أهمّ عشرة مزالق مهلكة في إدارة الوقت
أوقف الخسارة قبل البحث عن الربح
لا يمكنك أن تقبض على الماء ولا على الوقت بالمصفاة، ولئلاّ تضيّع جهود الإنتاجية والكفاءة سدىً أليس من الأجدى البدء بالقضاء على منافذ ضياع الوقت مهما بدت صغيرة؟
في السطور التالية قائمةٌ بأهمّ مضيّعات الوقت وتذكرةٌ بمبادئ القضاء عليها.
1- الهجوم اليائس والجري اللاهث في إنجاز كلّ شيء: اعمل بذكاء وتنظيم وليس بجد وإرهاق، استعجل برويّة!
2- الغرق في التكرار والتصحيح والندم والمراجعة : تعلّم الالتزام بمبدأ "الإنجاز على أفضل وجه أوّل مرّة"
3- المماطلة: واجه الأمور بشجاعة وحزم واتجه إلى اللبَ فوراً.
4- الأحاديث الهاتفية غير الضرورية أو المطوّلة طولاً غير ضروريّ: التزم بمبدأ خير الكلام ما قلّ ودلّ وتمّ في أوانه.
5- الاجتماعات غير الضرورية أو المطوّلة طولاً غير ضروريّ. هيئ كل ما ينبغي لضمان الوضوح والدقّة والفائدة المثلى في اجتماعات العمل.
6- لقاءات العمل غير الرسمية الممتدّة دون حساب، غداء عمل يأخذ أكثر من ربع النهار!: كن أميناً مع نفسك والآخرين ولا تدع الأجواء غير التقليدية تنسيك التزاماتك.
7- التفكير السلبيّ: هل يمكنك أن تكون إلاّ ما تفكّر فيه؟ لم لا تبدأ نجاحك في الواقع بتهيئة النجاح في داخلك؟
8- الوقت الضائع في فترات الانتقال والتأقلم بين الأمكنة أو الأنشطة المختلفة: عليك بالتخطيط والتنسيق أوّلاً وثانياً وأخيراً.
9- مواعيد الإنجاز القلقة العسيرة والغائمة: كن واقعياً في تحديد مسارات العمل ومواقيت الإنجاز.
10- الكسل: علّم نفسك الاجتهاد وألزمها بالنشاط في تنفيذ ما تحب وما لا تحبّ إلزاماً وإلاّ فلتبق تنتظر النجاح إلى الأبد.
تذكّر: لا! هي الكلمة الأهمّ في إدارة الوقت وتدبير ذاتك وتنميتها.. فهل تقولها حيثما ينبغي