نبدأ الحديث عن مصنع الذكاء....الدماغ:إن دماغنا المحب للحياة مصنع فريد لا يتعطل أبداً أو يعلن إضرابه عن العمل وهو يسهر حتى أثناء نومنا ويتألف من 100 مليار خلية تسمى خلية عصبية عددها يفوق عدد نجوم مجرتنا وهي تتلقى الذبابات العصبية وترسلها
=تتجمع حول الخلايا العصبية خلايا دبقية عددها عدد الخلايا العصبية بخمس إلى 10 مرات وهي تغذي الخلايا العصبية عبر تزويدها بالكوليسترول بشكل أساسي
=تتصل الخلايا العصبية ببعضها البعض بفضل محور عصبي وزوائد متشعبة وكلما كانت الخلايا العصبية بصحة جيدة كلما زاد إنتاجها للزوائد المتشعبة
=تفصل ما بين الخلايا العصبية مشابك وهي نقطة التقاء بين الزوائد المتشعبة وعددها لا يحصى وقد يبلغ 100 بليون والفضل في وجود التفكير والذكاء والتعلم يعود إلى هذه المشابك
=الناقلات العصبية فهي جزيئات تعمل على إدخال المعلومات إلى الخلية العصبية عبر الالتصاق بمتسقبل خاص هذه الناقلات تعمل مثل الهرمونات إنما في الدماغ وغيابها يؤدي إلى غياب التفكير وهي تتأثر كثيراً بالتغذية
=الميتوكوندريات هي مصانع صغيرة تحول الأطعمة التي نتناولها إلى طاقة ونجد العديد منها في كل خلية عصبية
ما هو الذكاء؟الذكاء بالنسبة للدماغ كالقوة البدنية بالنسبة للجسد ولكن هذا المفهوم يبقى غامضاً نسبياً ونحن نتحدث هنا عن الذكاء العام وليس الذكاء المختص { كالذكاء في مجال الرياضيات ، العمل اليدوي، الخ...}
هل يمكننا تحسين ذكائنا؟إن الشخص الموهوب في مجال الرياضة يتدرب باستمتاع أكبر ويحسن بالتالي أداءه وينطبق الأمر نفسه على المادة السنجابية في الدماغ كلما مارسنا نشاطات فكرية أكثر {وبمتعة} كلما زاد ذكاؤنا بصرف النظر عن المعرفة التي نمتلكها، وتماماً كالعضلة إن لم تستعملها هزلت وضعفت سريعاً كذلك الذكاء يستغرق في سبات إن لم نستخدمه فضلاً عن الخلل الناتج عن التغذية السيئة وهو أمر شائع للغاية .
ماذا يحدث عندما نتقدم في السن؟ التقدم في السن لا يعني أن تتراجع قدراتنا بل أن تتغير، إن الدماغ يشيخ شأنه شأن أي عضو آخر من الجسم لكن ما يثير الاستغراب أنه قادر على مقاومة آثار الزمن أفضل من غيره من الأعضاء وإن من الممكن جداً أن نفكر أو أن نبتكر ونبدع في سن متقدمة ولكن للدماغ شيخوخة طبيعية...وأسبابها:
1. الجذور الحرة فالمواد الدهنية التي تبنى الدماغ سريعة العطب وسهلة التأكسد
2. سوء الدورة الدموية إن الاضطرابات في الدورة الدموية الشائعة لدى المسنين تؤثر في الدماغ إذ أنه يعتمد على ما يحمله إليه الدم بما أنه يستخدم 25 بالمئة من مجمل الدم الذي يدور في الجسم!
3. النقص في الناقلات العصبية لا سيما الأستيلكولين
4. كثرة الكالسيوم في الخلايا العصبية
بسبب دراسات لم تتكلل بالنجاح أو لم تفسر كما ينبغي أوصل العلماء فكرة خاطئة بقدر ما هي متشائمة وهي أنه كلما تقدمنا في السن كلما تراجعت قدراتنا العقلية لكن الحقيقة مغايرة وأفضل من ذلك في الواقع إن كيفية استخدام الخلايا العصبية تتبدل وتتغير فحتى سن 30 إلى 40 يبقى الذكاء المرن مسيطراً على الساحة وبفضله نتعلم بسرعة ونحفظ من دون جهد ونتمكن من حل مسائل الحياة اليومية المعقدة أحياناً بسرعة ودقة وهذه هي الحسنة الأساسية لهذا الذكاء
ومنذ منتصف العقد الثالث يختفي الذكاء المرن ببطء ليحل محله الذكاء المتبلور وهذا ما يطلق عليه الراشدون الخبرة أو الحكمة
إن الدماغ في تطور مستمر والوقت لا يفوت أبداً على الاهتمام والاعتناء به ولنتصور أنه يكتب لائحة بما يريده في عيد مولده من هدايا سيطالبكم بالهدوء والهواء النقي والتغذية المناسبة لا سيما الدهون والسكريات الجيدة فضلاًً عن التجديد والدماغ عضو رومانسي للغاية فهو يتوق إلى الحب والحياة السعيدة
وإن كافة المواد التي تؤثر في الدماغ تأتي من التغذية لذا من السهل أن نفهم أننا بأطباقنا يمكننا أن نجعل الخلايا العصبية تعمل إلى أقصى حد أو أن نلحق ضرراً جسيماً بهذا العمل بمعنى آخر أن المزاج والتركيز والذاكرة وكل ما يتأتى عن الدماغ خاضع لتأثير التغذية المباشرة
وإليكم بعض العادات التي تساعد على الحفاظ على صحة الدماغ واستثمار طاقته:1. التنفس والأكل:الدماغ يتطلب دوماً تزويده بالوقود {100 ملغ من الغلوكوز في الدقيقة} ومساعد على الاحتراق الأوكسجين وهو يستأثر بـ 20 بالمئة من السكر من غذائنا وبـ 20 بالمئة من الأوكسجين الذي نتنفسه ويحتكر من الطاقة أكثر من أي عضو آخر علماً أن وزنه لا يتعدى 2 بالمائة من وزن الجسم، وإذا ما نقصت حصته من الأوكسجين أو السكر بشكل كبير تبدأ معاناة الدماغ فستموت الخلايا العصبية بعد مرور ثلاث دقائق على حرمانها من هذا العنصر أو ذاك
وأيضاً تستقبل الرئتان 15 متراً مكعباً من الهواء يومياً فتنقيان وترطبان كمية من الأوكسجين تعادل 1000 ليتر تتوزع على أطراف الجسم كله لكن مشكلتنا هي قلة التنفس فبدلاً من أن يكون تنفسنا عميقاً نجده سطحياً وقصيراً ومتقطعاً وهو بالتالي لا يوصل الأوكسجين بشكل مناسب إلى الخلايا العصبية ومما يشكل مفارقة هو أننا إذا تنفسنا بشكل عميق حقاً شعرنا بهدوء كبير وأيقظنا في الوقت عينه قدراتنا الفكرية إذاً فبعض الأنفاس العميقة صباحاً توقظكم فيما الأنفاس نفسها مساءً تهدئكم الأمر بسيط وسحري ومجاني!
وإليكم ورشة عمل التنفس:
استلقوا أو اجلسوا بشكل مريح ثم تنشقوا الهواء ببطء إنما بعمق عبر الأنف وعندما تمتلئ الرئتان دعوا الهواء ينزل إلى البطن وستلاحظون أنه تبقى لديكم مكان لتدخلوا مزيداً من الهواء إلى الحويصلات الرئوية فلا تحرموا أنفسكم من ذلك مرحلة الشهيق هذه تدوم 5 ثوان
احبسوا أنفسكم فيما الرئتان ممتلئتان مدة 20 ثانية إذا ما أمكنكم ذلك
بعدئذ ازفروا ببطء شديد في 15 ثانية كحد أدنى يجب ألا يبقى أي هواء وعندما تفرغ الرئتان من الهواء كلياً احبسوا أنفسكم مجدداً لمدة 10 ثوان
ثم ابدؤوا ذلك مرة أخرى ولا بد من ثلاث دورات كاملة لتكون عملية التنظيف الكبرى بإفراغ الرئتين حقيقية وفعالة وإن الوقت هو فقط كمثال إنما المهم أن يكون وقت الزفير ثلاثة أضعاف وقت الشهيق ويستحسن أن تكون هذه العملية في الهواء الطلق وفي قلب الطبيعة
وبالنسبة لاستخدام الأغذية:
......تبني الأحماض الأمينية الموجودة في البروتنيات خلايا دماغنا وترممها باستمرار
.....والسكريات هي الوقود
.....والدهون تشكل 60 بالمائة من وزن الدماغ لذا لا بد لنا من حسن اختيارها وهي ليست لإنتاج الطاقة هنا في الدماغ ولكنها موجودة لأنها تشكل الجزء الأساسي من أغشية الخلايا
....الفيتامينات والمعادن قوية للغاية ولكننا لا نحتاج منها إلا إلى كميات قليلة ولا يمكن أن تصل البروتينات والدهون والسكريات إلى الدماغ من دون هذه العناصر
وسؤال....الطعام نيء أم مطهو؟؟
الحل الأمثل يقضي بتناول القليل من المأكولات النيئة كل وجبة ويجب أن يتضمن الطبق الرئيسي خضاراً مطهوة
يتبع