المحافظة على الخلايا العصبية {العصبونات} الجديدة

في تسعينيات القرن الماضي هز العلماء حقل البيولوجيا العصبية بأنباء مفاجئة تفيد بأن الدماغ عند الثدييات الناضجة قادر على تشكيل عصبونات جديدة ولطالما اعتقدوا أن هذه القدرة مقتصرة على الأدمغة الفتية النامية إلا أنهم أثبتوا في مستهل تسعينات القرن العشرين على ظهور عصبونات جديدة في دماغ البالغين أيضاً وبصورة خاصة في المنطقة المعروفة باسم الحصين والتي تؤثر في عملية التعلم ووظيفة الذاكرة.

عادة ما تتضمن الدراسات المتعلقة بظاهرة تشكل نورونات {عصبونات} جديدة عند القوارض حقن هذه الحيوانات بعقار يدعى بروموديوكسيوريدين BrdU والذي يقوم بوسم الخلايا النورونية الجديدة ويجعلنا قادرين حينئذ على تمييزها جيداً بواسطة الميكروسكوب {المجهر} وتشير هذه الدراسات إلى أن النورونات الجديدة التي تنشأ يومياً في منطقة الحصين عند القوارض يترواح عددها بين 5000 و 10000 خلية، إلا أن هذه الخلايا لا تتولد بشكل روتيني بل يمكن أن يتأثر إنتاجها بعدد من العوامل البيئية المختلفة فقد تبين على سبيل المثال أن استهلاك الكحول يبطئ عملية توليدها وأن التدريب يمكن أن يرفع من معدل ولادتها فالجرذان والفئران التي تمضي وقتاً على عجلة الركض مثلاً تنتج ضعف عدد الخلايا التي تنتجها فئران تعيش حياة خاملة حتى إن تناول التوت البري الأزرق blueberries يبدو أنه يحرض على توليد النورونات في حصين الجرذان.

يمكن أن يساعد التدريب وفعاليات أخرى على إنتاج خلايا دماغية إضافية إلا أن استمرار هذه الخلايا بالبقاء ليس أمراً حتمياً. فالعديد منها إن لم يكن معظمها يختفي في غضون عدة أسابيع من ظهوره ، ومن المعلوم أن معظم خلايا الجسم لا تستمر بالبقاء لفترة غير محدودة ولذا فإن فكرة موت هذه الخلايا النورونية بحد ذاتها ليست مستغربة إلا أن زوالها السريع هو ما يعتبر محيراً، فلماذا يتكبد الدماغ عناء إنتاج خلايا جديدة ثم يتركها تختفي بهذه البساطة ؟
ويعتقد أن تلك الخلايا يتم توليدها لتستخدم عند الحاجة فقط فإذا تعرضت الحيوانات لتحديات استعرافية فإن الخلايا تستمر بالبقاء وإذا لم تتعرض لذلك فإنها تتلاشى.
ومع أن التعلم شرط أساسي لبقاء النورونات الوليدة في منطقة الحصين على قيد الحياة فإن بعض نماذجه ليس له تأثير يذكر في مصير تلك النورنات، والسبب في فشل بعض مهام التعلم في الحفاظ على حياة النورونات هو أنها كما يُعتَقد لا تتطلب تفكيراً عميقاً، فالمهام التي تنقذ أكبر قدر من الخلايا العصبية النورونية الجديدة هي تلك المهام الأصعب تعلماً والتي يتطلب أداؤها بذل مجهود ذهني هائل.
ولكن ما هي الوظيفة التي تؤديها هذه الخلايا ؟ من البديهي أنها لا تستطيع أن تقدم أي دعم لعملية التعلم في اللحظة التي ترى فيها النور فكثير من أشكال التعلم يتم بشكل فوري تقريباً ، وعندما يواجه الدماغ مهمة جديدة فإنه لا يستطيع الانتظار ما يقارب الأسبوع حتى تتشكل نورونات جديدة ثم تنضج وتندمج في الشبكات العصبية الوظيفية لكي يبدأ الحيوان بعملية التعلم بعد ذلك .فإذا كانت النورونات الوليدة ضرورية فعلاً للتعلم فإنها لا تؤدي دورها في عملية التعلم إلا تحت مجموعة خاصة من الظروف التي تتطلب بذل جهد استعرافي.

ومن السذاجة أن نعتقد أن مجرد القيام بمجموعة من الإجراءات كممارسة رياضة ذهنية والانخراط في فعاليات تتضمن جهد معرفي كبير كفيل بإعادة حالة الدماغ إلى ما كانت عليه قبل الإصابة بمرض كمرض الالزهايمر الذي يقتل كمية من النورونات يتجاوز عددها عدد النورونات الوليدة أما إذا كنا واقعيين فيمكننا أن نتصور أن مثل تلك الإجراءات من شأنها أن تبطئ سير المرض وما يعنيه ذلك من تخفيف لسرعة تراجع القدرات الاستعرافية لدى المرضى الذين يكافحون ضد الأمراض التنكسية .
إذاً إذا أردنا أن نحافظ على مرونة أدمغتنا ففي أغلب الظن لن يضيرنا نشاط ذهني وجهد استعرافي في أثناء التعلم .

bom

هذا مختصر مقال في مجلة العلوم والتي هي ترجمة SCIENTIFIC AMERICAN
أرجو أن تجربوا قراءتها لأننا يجب أن نكون مطلعين قدر الإمكان على ما يصل إليه الغرب من تقدم
ولأنها تساعدنا على معرفة الحقل العلمي الذي نفضله
ونحن على مستوى يؤهلنا لفهم محتواها دون عناء كبير
أرجو أن تستفيدوا وتستمتعوا.....

شكراً جمان موضوع مفيد جداً...وجميل..

ذكرتني بدرس العلوم بصف التاسع.. study

لكن المقالة بالفعل مميزة وأنا معك بأن الغرب يتقدم ونحن لا علم لنا بما يقومون به

scratch

» الاقتراب خطوة من تطوير نموذج بالكمبيوتر للمخ بعد التوصل لطريقة لرسم علاقات الخلايا العصبية ووظائفها
» التخاطب بين الخلايا.................
» قصة اختراع الخلايا الشمسية