أسرار الساعة البيولوجية عند الإنسان

الساعة البيولوجية هي آلية شديدة الحساسية قادرة على استشعار التغيرات في البيئة المحيطة بجسم الإنسان . وتقوم بتنظيم عدد من وظائف الجسم المتباينة كالنوم والتمثيل الغذائي والسلوك . وتسير على مدار 24 ساعة لتنظيم عمليات التمثيل الغذائي , وانقسام الخلايا , وإنتاج الهرمون , إضافة إلى دور النوم والاستيقاظ ليعرف الإنسان من خلالها توقيت سلوكه طوال النهار .
وقد تبين أن هذه الآلية تشمل عوامل مورثة معقدة , إلا أنها ككل ينظمها حامض نووي وحيد يخضع لتحور يتسبب في سلسلة تفاعلات متتالية لها علاقة بتنظيم عمل الجسم . ويأمل العلماء أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى إنتاج عقارات أكثر نجاعة في عالج الأرق وغيره من الأعراض المتعلقة بالنوم .
وفي السياق نفسه , تمكنوا مؤخراً من رصد موقع الساعة البيولوجية في جسم الإنسان بعد اكتشاف مجموعة من الخلايا العصبية في الجزء السفلي وسط المخ تعرف بالنواة والتي يعتقد أنها مركز التحكم بالإيقاع اليومي , وتتكون من جزأين هأحدهما في النصف الأيمن من المخ , والثاني في النصف الأيسر , وكل جزء يتكون من 10 آلاف خلية عصبية ملتصق بعضها ببعض تقوم على تنظيم الجداول الزمنية والتنسيق مع بقية الخلايا للوصول إلى ما يجب أن تكون عليه أنشطة الجسم على مدار اليوم , فهي تعمل على جعل الإنسان يشعر بالزمن بحيث تحدد أوقات النوم واليقظة والشعور بالجوع عندما يحين موعد تناول الوجبات وتنظيم درجة حرارة أجسامنا ليلاً ونهاراً .
وأظهرت النتائج أن معظم الأشخاص الذين يستخدمون الساعات المنبهة لإيقاظهم للعمل عادة ما يستيقظون قبل انطلاق جرس المنبه بلحظات , ما يعني أن الساعة البيولوجية في أجسامهم قامت بضبط نفسها بنفسها على هذا الموعد إضافة إلى أن نوم القيلولة يرفع كفاءة الساعة البيولوجية , كما أن تغيير التوقيت الصيفي والشتوي يضر بها ويشكل عبئاً كبيراً على الإنسان .
وقد أظهرت دراسة علمية أن إصرار الأطفال على السهر , خاصة في الإجازة الصيفية يؤدي إلى حدوث خلل كبير في الساعة البيولوجية لديهم , تظهر سلبياته على شكل اضطراب نفسي وسلوكي أثناء استيقاظهم , لذا ينصح الأطباء الآباء بتنظيم أوقات نوم أبنائهم فضلاً عن خفض الإضاءة أو إطفائها ليلاً لإضفاء جو هادئ يدفع الأطفال للنوم .