إلى متى سنبقى ضحايا لأخطاء الآخرين؟

تواجه المجتمعات الإنسانية عموماً، صغيرها وكبيرها مشكلة تتمثل في وقوع أخطاء تتلوها على الغالب تداعيات ثقيلة وأذيات كبيرة
يدفع ثمنها غير أصحاب الخطأ فترى أصحاب الخطأ لا يشعرون به ولا يتعظون منه ولا يترك لهم أي أثر في حياتهم نظراً لأن المحاسب عليه كان شخصاً آخر.

وضخامة المشكلة تنبع من أن الخاطئ في الغالب يكون شخصاً والضحية أشخاصاً وأسقط هذا على المجتمعات.

فبدايةً، كثيراً ما نحمل بتصرفاتنا ، أعباء آثامنا على الناس من حولنا ونضع تصرفاتنا تحت عنوان "التفشيش" والمشكلة أن هذا "التفشيش " أصبح تحت عنوان كبير هو "الحاجة" والتي تحتاج بدورها إلى تلبية وبالتالي صار "التفشيش" مقبولاً ومستساغاً على مضض. وطبعاً فإن له مصطلحاً أنمق هو "التعبير عن الانزعاج" ما لا يعني بالضرورة إزعاج الآخرين، فهناك الكثير من وسائل التعبير الأكثر فعالية للتخلص من هذا الكبت أو الغضب إن صح التعبير كالكلام والتأمل في المشكلة وكذلك ما يكتبه الكاتب وما يبدعه الفنان وما يعزفه العازف. وهذا الوجه الآخر والصحيح لتلبية هذه الحاجة.

مثال آخر ، في مجتمعنا المدرسي أو الصفي،غالباً يدفع جميع الطلاب الثمن والضريبة لما فعله غيرهم ، فتراهم يوبَّخون ويعاقبون أو تُقرَّر عليهم الدروس من غير أن يكون لهم ناقة ولا جمل في المشكلة، علماً أن الجاني لا يكون آبها ً بالتوبيخ ولا متأثراً به ولا مهتماً بشأن الدرس الذي فات والذي سيكون بالنسبة للبقية حلقة من حلقات المسلسل العلمي في أمخاخهم تحدث بضياعها ركاكةً في البنيان.

ولنخرج إلى الواقع العالمي، ففي شجار الحكومات، تدفع الشعوب الثمن ، ودعونا نتحدث بالحرب العالمية الثانية التي ترتبت عليها نتائج رهيبة من إفلاس للشركات وتدمير للمنشآت الصناعية وإبادة للمحاصيل الزراعية
ولكن قبل ذلك إزهاق رهيب للأرواح البشرية وما أظن أن أحداً من تلك الشعوب له ثأر مع الشعب الآخر ولكنه شجار الحكومات.

ومهما درنا في هذا الاهليلج الكبير الواسع فعلينا أن نديم النظر في محرقيه ، حب النفس ، والفهم الخاطئ لحقيقة الكون والحياة، فالإنسان قد بلغ إعجابه بنفسه مبلغاً كبيراً جعله يظن أن انفعالاته تقود العالم وتتحكم فيه، وأنه المالك الحقيقي لهذه الدنيا ، مهما كانت خارطتها صغيرة في ذهنه، يتصرف فيها كيفما يحلو له، وأنه بعلمه أو بسلطانه الضيق يترفع عن الناس فيصبحون ملكه أو تحت تصرفه بالمعنى الواقعي العملي، فيتصرف كما يحلو له ( وهذا ربما لن يكون مستغرباً إذا ما كان الأب قرداً والأم قردة –كما يعتقدون- فالقرود تتصرف كما يحلو لها).

ولكن التصحيح يبدأ من إدراكنا المشاكل وانطلاقنا من تصحيح الأسباب الأساسية لحدوثها، ولعل هذه الأساسات هي عبارة عن موقف صغير من نتصرفه في بعض الأحيان "كالتفشيش" والعقوبات الجماعية، ولكن برأيي هذه التصرفات منطق غير صحيح، وهي تنعكس على أسلوب تفكيرنا وتقودنا إلى تداعيات أكبر وأعظم تقود بنا إلى قاع من قيعان الهلاك ، والتي باتت كثيرة وأسبابها متوافرة وتحتاج لمن يدفنها ويقضي عليها، لردم الهوّة بيننا وبين تحقيق ما نصبو إليه من "انطلاقة جديدة نحو الإبداع والتميز" الذي يُسخَّر لخدمة الأمة والإنسانية جمعاء، وهو الهدف الأسمى الذي قد يطمح إليه إنسان في دنياه متسلحاً بخالص النية لهدف أعظم في أخراه.

» هل تصدق؟ ضحايا الكسل أكثر من ضحايا التدخين
» نقد الآخرين له طرقه
» ما أروع أن نسعد الآخرين...